26 أكتوبر 2025

تسجيل

تركيا والاتحاد الأوروبي بعد الانقلاب الفاشل

02 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعد فشل الانقلاب في تركيا وقيام الحكومة التركية بالقبض على المنقلبين لينالوا ما يستحقون وفقا للقانون، انبرت أصوات أوروبية كثيرة تستنكر وتستهجن إجراءات الحكومة التركية وكأنها تريد من الأخيرة مكافأة هؤلاء الانقلابيين الذين قتلوا المئات من أبناء الشعب التركي العزّل الذين هبوا للدفاع عن الديمقراطية في مواجهة هؤلاء المتآمرين الذين أرادوا -بتحريض من الخارج ومن الكيان الموازي المحمي والمدعوم من الغرب- القضاء على التجربة التركية الفريدة التي جمعت بين الحداثة والإسلام، والتي نقلت تركيا من المركز الـ111 عالميا إلى المركز السادس عشر في بضع سنين. هذه الأصوات التي لم تجرؤ على انتقاد الإجراءات الاستثنائية التي قامت بها كل من فرنسا وبلجيكا في مواجهتهما الإرهاب، ولا انتقاد المعاملة القاسية وغير الإنسانية للاجئين في أستراليا وبعض الدول الأوروبية، لم تكتف بالدفاع عن القتلة المجرمين الذين لم يتورعوا عن قصف البرلمان التركي على رؤوس من فيه، بل راحت تستنكر ما قامت به تركيا من إجراءات وتحذر تركيا من إعادة عقوبة الإعدام وتدعو إلى رفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي إذا أعادتها، فقد كتبت جينيفير رانكين في الجارديان قائلة: "إن ما اتخذته تركيا من إجراءات بحق المشاركين في الانقلاب باعد بينها وبين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي"، أما مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني فقد دعت من بروكسل أنقرة إلى الالتزام بسيادة القانون وهددت وتوعدت وقالت إن أي دولة تطبق عقوبة الإعدام لا يمكن أن تصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي وردد المتحدث الرسمي باسم الحكومة الألمانية شتيفان زايبرت الكلام نفسه، وقال: "إن العمل المحتمل في تركيا بعقوبة الإعدام التي يتحدثون عنها بعد محاولة الانقلاب الفاشل سيعني إنهاء المباحثات بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي"، أما المفوض الأوروبي لشؤون التوسع وسياسية الجوار يوهانس هان فقد سئل حول ما إذا كانت السلطات التركية قد استغلت الأحداث لمصلحتها، فأجاب قائلا: "إن ذلك كان مخططا له"، وقال: "إن القوائم بأسماء المعتقلين كانت معدة سابقا"، وتجاهل هذا المسؤول أن جماعة فتح الله غولن كانت قد حاولت زعزعة استقرار البلاد في مايو من عام 2013 وأن هذه القوائم بعضها كان معروفا وبعضها الآخر تم الوصول إليه بعد التحقيقات التي جرت على إثر الانقلاب الفاشل الذي أودى بحياة المئات. المسؤولون الغربيون لا يهتمون بما عانته تركيا من إرهاب، بل ويدعمون بشكل مباشر وغير مباشر المجموعات الإرهابية لحزب العمال الكردي ويشجعون المعارضة التركية لتتجاوز الحدود ولا يتوقفون عن دعم قوات سوريا الديمقراطية التي تعتزم إقامة كيان لها على الحدود التركية، بل ويصرح مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان في منتدى أسبين الأمني السنوي أن سوريا "لا يمكن عودتها موحدة مرة أخرى" في إشارة ضمنية لإقامة الأكراد لكيانهم على الحدود التركية، وبالتالي فإن الرفض الأوروبي لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لا يأتي بسبب عدم تطبيقها لمعايير كوبنهاجن، وإنما يأتي في سياق حملة غربية مدروسة لا تستهدف فقط منعها من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وإنما أيضا القضاء على تجربتها الديمقراطية وازدهارها الاقتصادي وإعادتها إلى الوراء والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يفعلون ذلك؟ الرئيس التركي أجاب عن هذا السؤال في حديثه لتلفزيون فرنسا 24 حين قال إنهم يفعلون ذلك لأنهم منحازون ومتعصبون، وقال فيه عن الأوروبيين الذين يوزعون الأدوار بينهم "إنهم يصدرون تصريحات متناقضة.. إنهم متعصبون وسيواصلون التصرف بهذا الأسلوب المتعصب تجاه تركيا". ويرى كثير من الباحثين أن فشل الانقلاب في تركيا سوف يزيد من تعصب الغرب وانحيازه وسوف يضاعف الجهود الغربية من أجل تقويض وهدم التجربة التركية التي تقدم بديلا قويا ونموذجا إسلاميا منافسا يكذب ما يروجه الغرب من افتراءات عن الإسلام والمسلمين.