11 سبتمبر 2025
تسجيليعتبر علم الإسناد من فنون العلم التي امتازت بها علوم الشريعة، وقد كان علماؤنا يرحل أحدهم من أجل سماع حديث أو علو إسناد آخر، والإسناد لا يقتصر على نقل الحديث بل يشمل فنون الشريعة الأخرى كالإجازة في القرآن بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن رب العزة والجلال، وكذلك متون الفقه واللغة والأصول وغيرها تجد سند كل متن إلى واضعه، بل وحتى بعض الكتب والمؤلفات ككتب الشمائل وغيرها.ويحرص طلاب العلم على جمع الأسانيد والإجازات في طلبهم، وتمتاز المدينة المنورة بأنها مقصد ومستقر الكثير من أهل العلم وحملة الإسناد، وقد كان زميلنا في الفصل الشيخ أحمد بن غلام السليماني ـ وهو من مواليد المدينة وأصله من باكستان ـ من المتخصصين في فصلنا بعلم الحديث فهو يحفظ مع كتاب الله بلوغ المرام للحافظ ابن حجر ويحفظ في ألفية العراقي ، وقد أرشدنا إلى هذا الفن فكنا نراجع معه المصطلح والفرائض .وأخبرنا الشيخ أحمد بن غلام ذات يوم أن هناك شيخا في الحرم يسند في الصاع النبوي وفي حديث الأولية المسلسل بالرحمة وغيرها فتاقت أنفسنا لزيارة الشيخ، فقام بترتيب لقاء لنا مع الشيخ في بيته وهو الشيخ محمد الياس البرماوي الأركاني، المقرئ المعروف.كان يظهر على الشيخ محمد الأركاني الجدية والحزم وحب البحث والاطلاع فقد كان مجلسه الذي استقبلنا فيه مليئا بالكتب من حولنا، وما إن تعرف علينا وسألنا عن دراستنا وقراءاتنا بدأ يتذكر أيام الدراسة ويذكر فضل شيوخه ويدعو لهم ، وقد ذكر لنا أنه استفاد من شيخيه في الفقه الشيخ علي بن سعيد الغامدي المدرس بالحرم النبوي الشريف حب البحث، فكان يقول: اكتبوا في اليوم و لو أسطرا قليلة، قال فطبقت نصيحته وأخرج شيخنا عددا من المؤلفات والكتب النافعة.كما حدثنا عن رحلته في طلب الإجازات والعلو في السند سواء في القران والسنة وغيرها ومما ذكره أنه قرأ القرآن على شيخ قراء الشام الشيخ محمد أبوبكر الطرابيشي ـ رحمه الله ـ.ثم بدأ الشيخ يجيزنا في الحديث المسلسل الأولية بالرحمة ((الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من السماء)) ، كما أجازنا في الأذان مسندا إلى سيدنا بلال ـ رضي الله عنه ـ ، وأخذنا عنه إجازة في المد والصاع النبوي.وأخبرنا شيخنا بأننا أول من أجاز من أهل قطر أجاز من ضمن عدد كبير من المجازين ، حيث إن الشيخ يسجل أسماء الذين أجازهم، وقد ظهرنا من عنده مسرورين بهذه الإجازة العلمية التي يتصل فيها اسمنا باسم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.وقد حرصنا بعد هذه الإجازة على حضور المجالس التي كانت تقام فيها الإجازات، فحضرنا عند مسند المدينة النبوية الشيخ حامد بن أكرم البخاري في الشمائل المحمدية و صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك برواية محمد بن الحسن و كتاب "خلق أفعال العباد" للبخاري وثلاثيات البخاري وغيرها وأجازنا في الباقي في ثبته الذي وقع عليه كما حضرنا عنده مجلس عاشوراء في جزء حديث عاشوراء للإمام المنذري وحضرنا عند الشيخ عبدالله بن صالح العبيد في كتاب التوحيد وعند الشيخ محمد الأمين الهرري في مكة وأجازنا وعند الشيخ ذياب الغامدي في الطائف وأكرمنا وتكلف أحسن الله إليه في ذلك والشيخ محمد بن إسماعيل العمراني أجازنا مكاتبة وقرض لكتابي اللؤلؤ النقي وكذلك الشيخ بوخبزة التطواني في المغرب والشيخ عبدالرحمن بن عبدالحي الكتاني والشيخ علي آدم الهرري مشافهة لأنه اشترط علينا الحضور عنده في دروسه ونحن لم يتيسر لنا ذلك وغيرهم جزاهم الله خيرا وأحسن مثوبتهم، ولله الحمد والمنة أولا وآخرا.