19 سبتمبر 2025

تسجيل

"لا أحد أكبر من بلاده"

02 يوليو 2011

لا أخفي عليكم سراً لو أقول إنني كنت وما زلت أضع يدي على قلبي خوفاً على لبنان وشعبه من فتنة طائفية تعصف به وتأكل الأخضر واليابس خاصة في الفترة التي كنا نترقب بها صدور القرار "الظني" من المحكمة الدولية الخاصة باستشهاد رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق لأن هذه الجريمة كانت مثل الزلزال وقعت على لبنان وعلى الشعب العربي ولأنها كذلك حاولت العديد من القوى، خاصة المعادية للبنان وللأمة العربية استثمارها ليس لمصلحة الشعب اللبناني وإنما لتقسيم هذا الشعب وتفتيت وحدة لبنان تنفيذاً لمخطط الشرق الأوسط الكبير الذي بشرت به إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والذي بدأ بغزو واحتلال العراق وهو تقسيم المقسم وتفتيت المفتت ولا يزال هذا المشروع وشبحه قائماً في ذهن الإدارة الأميركية رغم هزيمته في العراق بفعل المقاومة العراقية الباسلة وهزيمته في لبنان عندما انتصرت المقاومة اللبنانية على العدو الصهيوني عام 2006 ورغم نجاح ربيع الثورات العربية. هذا المشروع الصهيوني – الأميركي لم يمت بعد ولم ينهزم بعد هزيمة تبعده عن حدود وطننا العربي وها هو يطل برأسه من جديد في لبنان عندما نجحت الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري وبدأ لبنان يتعافى بعد أن هيأت له اتفاقية الدوحة السلم الأهلي وحققت هذه الاتفاقية التوافق اللبناني بين قياداته ومنعت حرباً أهلية طائفية كادت أن تعصف بلبنان لكن أعداء لبنان وأعداء الأمة العربية لم يهدأوا ولم يكفوا عن مخططاتهم وإلا لماذا صدر هذا القرار "الظني" فور تلاوة البيان الوزاري وهذا بحد ذاته مؤشر على ما يحاك للبنان من مؤامرات وخطط تريد دفعه إلى جحيم الحرب الأهلية. لكن هذا لا يعني أن نغفل "العدالة" في تحقيقها بمقتل الشهيد رفيق الحريري ولا يعني أيضاً أن ننسى هذا القائد العربي ومواقفه المشرفة تجاه القضايا العربية والإسلامية ولا يعني أيضاً العفو عن القتلة مهما كانوا ومن أي طيف أو لون رغم أنني شخصياً مازلت أعتقد أن الجناة والقتلة هم من عملاء الموساد الصهيوني أو من المخابرات الأميركية لأن عقلي ووجداني وضميري لا يصدق أن يكون هؤلاء القتلة من العرب أو المسلمين وإذا كانوا منا كعرب ومسلمين فيجب أن ينالوا القصاص وأن تنال العدالة حقها بعيداً عن الانتقام الطائفي أو العرقي أو القومي لأن هؤلاء الجناة إن كانوا من العرب أو المسلمين فإن جريمتهم محصورة بهم فقط وهذا كاف لدرء الفتنة وطرد شبح الحرب الأهلية اللبنانية وبالتالي هزيمة للمخططات الصهيونية – الأميركية التي تريد استغلال دم الشهيد رفيق الحريري لتحقيق مآربها وأهدافها وليس حبا بالشهيد وهذا أصبح معروفا وواضحا للجميع، خاصة للشعب اللبناني الشقيق الذي نجح حتى الآن في هزيمة هذا المخطط بعد مضي حوالي أربعة أيام على اعتقاد هؤلاء بأن تسليم قرار هذه المحكمة للحكومة اللبنانية سيفجر الوضع الداخلي اللبناني ويبدأ الحريق الأهلي لا سمح الله والذي نأمل أن تطفئ روح الشعب اللبناني إلى الأبد نار عود الثقاب الذي يحمله أعداء لبنان وأعداء الأمة العربية قرب الروح اللبنانية والوحدة اللبنانية والتراب اللبناني. إن الهدوء الذي ساد لبنان بعد صدور هذا القرار الاتهامي يؤكد أن الشعب اللبناني يدرك حجم الخطر المحدق في لبنان ويدرك أيضا أن هناك أعداء يرغبون بحرقه وتمزيقه وتفتيته لهذا فوتوا الفرصة على هؤلاء مع التمسك بالعدالة وتحقيق هذه العدالة لأنها هي التي تنصف روح الشهداء وهي الملاذ لكل الشهداء وتحقيق هذه العدالة يتطلب أن تترجمها الإرادة اللبنانية فقط بعيدا عن الآخرين وتتحقق من خلال الاستقرار اللبناني أيضا واعتبار لبنان أولا وهذا ما أكده الشهيد رفيق الحريري عندما قال: "لا أحد أكبر من بلاده".