13 أكتوبر 2025
تسجيلتصعيد الحصار على إيران لمنعها من تصدير النفط ما زالت المناورات بين الولايات المتحدة وإيران مستمرة، خصوصا من الجانب الأمريكي الذي يراها فرصة يستعرض من خلالها قدراته وتقدمه التقني في مجال الأسلحة، على أهم مسرح دولي وفي منطقه شائكة، وفي حماية أهم سلعة وهي الطاقة، وبفاتورة مسبوقة الدفع ومدعومة بصفقات أسلحة يمكن تمريرها من خلال آلية الطوارئ التي تستخدمها الإدارة الامريكية لتمرير صفقاتها غير المقبولة من الكونجرس، حيث طالب الكونجرس بعدم بيع السلاح لأطراف الحرب في اليمن؛ بسبب ارتكاب جرائم حرب ضد اليمن وبسبب اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي. التقاطعات في حالة التفاوض هذه كثيرة ومتعددة، منها الضغط على إيران للجلوس على طاولة المفاوضات والتي ستفتح باب مطالب أمريكا حتى وإن لم يشملها الاتفاق، مثل منظومات الصواريخ البالستية واستمرار إيران في التوسع بالمنطقة، ووقف التدخلات في دول الجوار، ولجم إيران عن خلق منبر مقاومة لصفقة القرن. أما بالنسبة للأهداف الاقتصادية فهي جوهر الموضوع ومصالح أمريكا في الأساس تتمثل في بيع السلاح والصفقات، والأهم من ذلك هو إعادة هيكلة الإتفاق النووي ليخدم الولايات المتحدة الأمريكية وعليه إخراج الشركات العالمية المتواجدة والعاملة في إيران وإعطاء الشركات الأمريكية الأولوية في المشاريع داخل إيران، لهذا نرى التفاوض من قبل أمريكا من خلال البوارج والأساطيل يتزامن معه التهديد والوعيد لتحقيق أعلى مستوى من الضغط على المفاوض الإيراني، وكل طرف يتموضع بشكل يمنحه الهامش الأكبر عند بداية التفاوض، والتمنع عن التفاوض هو الجزء الأهم من التفاوض، ورأينا ذلك من خلال خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق كخطوة رئيسية أولى حيث خلقت أمريكا وضعًا يجعل من مجرد قبول إيران معاودة التفاوض تنازلا وخضوعا لرغبات أمريكا، حيث سيكون التفاوض عن مطالب أمريكا التي وضعتها كشرط لقبول الاتفاقية النووية، فإيران تتمنع لتخفيض سقف مطالب أمريكا، لكن يبدو أن المفاوضات قد بدأت من خلال الوسطاء الخليجيين من العراق مرورًا بالكويت وقطر وعمان، أو طرف ثالث يكون بعيدًا عن الأضواء والدليل على بدء التفاوض هو تراجع التصعيد بعد أن بلغ حدود الحرب. مجرد قدوم الأساطيل الأمريكية للمنطقة يعني تصعيد الحصار على إيران لمنعها من تصدير النفط وهو شريان الحياة لإيران، ومنعها من استخدام أهم ورقة تفاوض، وهي إغلاق مضيق هرمز، فالأسطول الأمريكي يؤمن إمدادات النفط للسوق العالمي، فلا تملك إيران تهديد الاقتصاد العالمي، ولا تملك تصدير نفطها، ومن ثم قد تدخل في حرب إما بالوكالة أو حرب محدودة قد تخرج عن إطارها فتتسبب في حرب شاملة، ولكن إيران أرسلت عددا من الرسائل تبرز جديتها في المواجهة ومدى قدرتها على القيام بذلك، فبدأت بتفجيرات في محيط السفارة الأمريكية في بغداد وقبل ذلك أثبتت من خلال حرب غزة أنها تملك القدرة الصاروخية اللازمة لهزيمة القدرات الأمريكية والإسرائيلية، ثم فجرت ناقلات النفط في ميناء الفجيرة وهو خارج منطقة الخليج وفي بحر عمان، وكان الهدف من إنشائه تجاوز البعد الإيراني لحماية تصدير النفط الإماراتي، والرسالة الأخرى هي تفجير خطوط النفط في المملكة والتي أيًضا كان الهدف من إنشائها تلافي أي أحداث في الخليج والنأي بصادرات النفط بعيداً عن إيران وقد تم تفجيرها من قبل طائرات مسيرة، تملك قدرات للتخفي لم تستطع الرادارات الأمريكية أو الغربية المتوافرة لذلك رصدها مع أنها قطعت مئات الكيلومترات، وما زالت أوراق الضغط يتبادلها الطرفان، فقد ترسل إيران رسائل أخرى من جنوب لبنان، وقد تكون الرسالة الأولى أطلقت من غزة من خلال قدرة المقاومة للرد على إسرائيل. جاء الرد سريعًا من المملكة العربية السعودية لتلعب بورقاتها الثلاث: الورقة الإسلامية والورقة العربية والورقة الخليجية من خلال الدعوات الثلاث، لثلاث قمم: القمة الإسلامية والقمة العربية والقمة الخليجية، لكن في السنوات القليلة الماضية أضعفت المملكة والإمارات هذه الورقات إما من خلال إضعاف المُكون الإسلامي أو العربي، وتكلل إضعاف المنظومة بإقامة حصار على قطر، كما أضعفت المملكة مكانتها العالمية بعدم التزامها بالأعراف والمواثيق الدولية من احتجاز رؤساء وزراء دول إلى اغتيال خاشقجي في القنصلية في اسطنبول ضاربة بعرض الحائط الأعراف الدبلوماسية.