14 سبتمبر 2025

تسجيل

سؤال لك ياريس!!

02 يونيو 2016

فوق المنظر الصادم الفادح القسوة كأنه لم يكن كافياً أن نتألم، ونتوجع ونحن نشاهد مصريا يهان ويذل، ويضرب وقد أوقفه كفيله عارياً ليصوره وهو يركله، ويصفعه، ويسبه بأحط الألفاظ النابية، بل ويكاد يتبول عليه، بينما الرجل الأعزل العاري يبكي ويرجوه أن يتفهم أنه ضحية!! أبو عبدالله الكفيل الذي ضرب، وسب، وأذل الرجل يعرف أنه أوجع المصريين جميعاً بفعلته الشائنة، لكن أوجعني أكثر رد الفعل الباهت للسادة المسؤولين في مصر الذين تعاملوا مع الموقف بليونة لا تليق بما حدث، فهذا السفير "محمد العربي" رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب يتصدر للواقعة بحرق دمنا، ورفع ضغطنا، وسكرنا فيقول "الحقيقة نواب البرلمان انتفضوا، واتصلنا بوزيرة الهجرة فكانت متزنة وقالت "ممكن يكون الفيديو قديم لازم نتأكد" يا سلام حتى لو كان قديما ما علاقة قدم الفيديو ببحث الأمر؟ هل مطلوب أن تسقط أوجاع كرامة المصري المهدورة بالتقادم، وما فات خلاص مات؟ ويضيف سعادة السفير "كمطلب شعبي أي حد يهين أي مصري في أي مكان حنعمله قايمة سودة مش عايزينه"!! يا فرحتي بحضرتك .. مش عايزينه؟ هل ذلك هو العقاب المناسب في تصورك؟ كنت أتصور أن أسمع عن تحرك السفارة المصرية بالكويت، السفير، القائم بالأعمال، أو حتى الغفير ليكون بجانب الرجل ومعه محام يطمئن الرجل، ويخفف عنه، ويعده باستجلاب حقه بالقانون، ويذاع هذا عبر الميديا لتهدئة خواطر المصريين الملتهبة، ما سمعته من سعادة السفير آلامني ودفعني للإحساس بضياع كرامة الناس دون أدنى اكتراث، وأتصور لو أن أي مصري فعل ما فعله الكفيل الكويتي الذي أمن العقاب فأساء الأدب والله لقامت الدنيا ولم تقعد حتى تأديب المعتدي وأخذ حق المهان منه، أما حكاية أن الكفيل المعتدي من الـ"بدون" فحتى البدون لهم كرامتهم الإنسانية وهم منتمون أولاً وأخيراً إلى دولة الكويت لا حجة بأنه من الـ"بدون" ولا يخفف أبدا من وقع الصدمة المهينة والفعلة البشعة! ثم يزيدنا سعادة السفير التهاباً فيقول توصلنا إلى أن الفيديو بالسعودية وليس بالكويت وهذا يناقض تماماً ما أعلنته الداخلية الكويتية مشكورة بأنها قد قبضت على "عبدالله الشمري" صاحب الفيديو، واستدعت "أشرف سويلم" المعتدى عليه للعرض على النيابة، ليتضح أن معلومات سعادة السفير مغلوطة وتفتقر للدقة وأن السعودية لا دخل لها بالفيديو الذي وضعه في رقبتها، عموما كان الفيديو في الكويت أو السعودية أو حتى في كوالالمبور، ليس المكان المهم، الأهم أنها واقعة مشينة لرجل مصري انتهك عرضه، وأهين إهانة فادحة، أعود لأقف عند الاستهانة، والاستخفاف، والاستهتار التي تعامل بها المسؤولون مع الواقعة حتى في مجرد تتبع المعلومة الصحيحة إذ ليس الموضوع المكان، الأهم أن إنساناً مغترباً ناله من الألم، والإهانة ما هو فوق قدرة أي إنسان على الاحتمال، وغصبا أتذكر الآن المصريين الذين هاجروا إلى جهات الدنيا الأربع من أجل لقمة العيش المغمسة أحياناً بالذل والمهانة، البعض هاجر بحراً فابتلعه البحر قبل أن يصل، والبعض راح ضحية للدعس، والسحل، والقتل، والتعرية، والتعذيب كما حدث وتكرر في بلاد العرب أوطاني، ومازالت نبيلة مكرم وزيرة الهجرة توجعنا وتقول حادثة فردية!! كل هؤلاء الذين ماتوا أو أهينوا حادثة فردية؟ كيف تكون الجماعية إذن؟ أمام إحساس بالألم ككل مصري شاهد الفيديو مضطرة اسأل كيف ترى حكومتنا الموقرة أبناء مصر بالخارج؟ هل تراهم مواطنين لهم حقوق مكفولة وان بعدوا؟! أم أنهم لا يمثلون إلا مضخة من مضخات العملة الصعبة؟! السؤال مهم لأننا لم نسمع عن حق واحد من الذين ماتوا أو دعسوا، أو مُسحت بكرامتهم الأرض قد عاد، وقد اغتربوا عن "مصرهم" أرض المليارات المنهوبة، والتي مازالت تنهب ولن يكون آخرها قضية الاستيلاء على تعويضات المجلس القومي لمصابي الثورة المقدرة بثلاثين مليون جنيه، ولا قضية رشوة مستشار وزير الصحة بالملايين!! سؤال لرئيس مصر، "بماذا يشعر المواطن المصري المضروب، المهان، العاري، وهو يسمع الكلام البديع.. ارفع راسك فوق انته مصري"، أتراه يرفعها ياريس؟؟ ◄ طبقات فوق الهمس تحية لشعب قطر الوفي، الطيب، فقد مرت عقود ولم نرصد حادثة إذلال شائنة مما يوجعنا.