31 أكتوبر 2025

تسجيل

ماركوني الإيطالية وحملة تصحيح العمالة في السعودية

02 يونيو 2013

رواية "القاهرة الصغيرة" للجزائري عمارة لخوص بما فيها من نساء ورجال وإنسانية وإرهاب وعمل كانت حاضرة في ذهني وأنا أتابع الحملة السعودية لتصحيح أوضاع قرابة 3 ملايين عامل مخالف يعيشون بيننا ضمن 8.4 مليون عامل من مختلف دول العالم بعضهم من غير إقامة نظامية أو يعملون في غير مهنهم التي قدموا عليها أو عند أرباب عمل غير كفلائهم. وهي ظاهرة فرضتها ظروف التنمية في البلاد ومساحتها الشاسعة وظروف الوفادة للحج والعمرة وحالات التسلل إلى المملكة لغرض العمل أو حتى لأهداف تخل بالأمن كما كانت بداية الحملة التي انطلقت من المناطق الجنوبية حيث التضاريس الجبلية الصعبة التي اتخذ عبرها المتسللون طرقاً للوصول خلسة إلى مدن البلاد حتى غدت تلك العمالة وكثافتها تخل بالأمن في وقائع مرصودة وموثقة إضافة إلى مزاحمتها لأبناء البلد في فرص العمل حيث يعاني بعض الشباب من ندرتها مما حدا بالجهات الأمنية والقطاعات المعنية بالعمل الإسراع في تنظيم تلك الظاهرة التي توجت بقرار من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أمر بمهلة مدتها ثلاثة شهور تنتهي في نهاية شهر شعبان القادم لتصحيح أوضاع تلك العمالة وفق جملة مسوغات تتيح لهم العمل بنظامية وحرية دون أن يكون أحدهم مخالفاً أو يمثل إضراراً بالأمن أو فرص العمل المتاحة للسعوديين في القطاع الخاص بعد أن سنت حزمة من الرسوم والقيود التي تفرض مجالات عمل أكثر للسعوديين تصل برسوم الإقامة السنوية وما يتبعها من رخص العمل والتأمين الطبي ودعم صندوق الموارد البشرية إلى أكثر من ألف دولار سنوياً. عموماً رواية القاهرة الصغيرة التي رمز فيها الكاتب إلى حي " ماركوني " وسط العاصمة الإيطالية روما والمكتظ بالمهاجرين والعمالة العرب وتحديداً المصريين ممن شكلوا مجتمعاً شبيهاً بظروف القاهرة عاصمة بلادهم وليشكلوا أيضاً ضمن عموم العمالة المهاجرة في روما ملامح متناقضة لحياة العمالة في المهجر يتداخل فيها العمل الجاد والانفلات والحب ودواعي الإخلال بالأمن والتنظيمات السرية. فظروف العمالة ومستوى ثقافتها وطبيعة معاشها وفقاً للرواية هي ظروف واحدة أينما كانت في كل بلاد العالم يدفعها نحو هذا الواقع ظروف الحياة في بلادها والبحث عن لقمة العيش الأفضل وتحكمها قوانين العمل الدولية والمحلية أحياناً وتتقاذفها ظروف المعاش والعمل في كل بلد. سوى أن الحالة في السعودية وصلت إلى حد الترهل وبروز ظواهر غريبة وعجيبة تنعت المجتمع ومستوى أداء الخدمات فيه بما لا ينبغي لذلك كان المبرر للحملة وتصحيح وضع هذا الحجم من العمالة واقعياً وملتزماً بالضوابط التي تحفظ للجميع كرامتهم وحريتهم بمشاركة عموم سفارات الدول ذات العلاقة بالعمالة وتوجها القرار الملكي الذي اتسم بالإنسانية وهو ما يؤمل أن يفضي إلى واقع عملي سليم تختفي منه الظواهر السلبية والعمالة السائبة ولتكون علاقة العمل بين كل أطرافها ذات أطر مؤسسية محكومة بنظام يحفظ للجميع حقوقهم. وحيث تنتهي حملة التصحيح السعودية نهاية الشهر المقبل يبقى للبلاد حقها القانوني في تصيح الوضع رغم حملة الانتقادات الدولية ومحاولات تشويه أسلوب أداء الحملة وأهدافها لأغراض دعائية مغرضة والإلحاح نحو إلغاء نظام الكفالة في كل دول الخليج تبعا لهذه الظروف. إلا أن وجود عامل مجهول الهوية ولا يعرف له مقر سكن معروف ولا يتمتع بظروف إقامة نظامية أو حتى فرصة للعلاج نظاماً مدعاة للقلق منه وعليه أيضاً. لذلك نحن عموماً في السعودية سعداء بهذا التوجه الذي سيضمن للأخوة النظاميين من كل بلاد العالم العيش بيننا والعمل معنا بروح المحبة. فهم شركاء لنا في الإنسانية والتنمية.