13 سبتمبر 2025
تسجيلأكثر الدول المتقدمة تستفيد علمياً وعملياً من خبرات المتقاعدين لديها بطرق منهجية عديدة واعية ومحفزة للنماء الاقتصادي والتنمية المستدامة، ومعززة للبنية التحتية الاجتماعية ومشاريع الإبداع والابتكار لديهم، استنادا إلى ذاكرتهم المتقدة وفكرهم المخضرم وتاريخهم المهني الحافل بالتطورات والخبرات المستمرة على مدى ستة عقود متواصلة. وهناك في الواقع جملة طرائق موضوعية تتبعها الحكومات المتقدمة من المناهج والسبل المتبعة لتحقيق الأهداف آنفة الذكر، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تحفيز المتقاعدين على تقديم خدماتهم الاستشارية في مجالات عملهم السابقة، لتمتعهم بالخبرة والفهم العميق ومعايشتهم للتطورات التي تمت فيها، ومشاركتهم في لجان صياغة السياسات العامة للدولة خاصة لتلك القضايا التي هي بحاجة إلى نظرة جماعية بعيدة المدى. ثم تقديم الدعم المالي واللوجستي للمشاريع الريادية التي يتقدم بها المتقاعدون لمساعدة الدولة في تنويع الفكر الاقتصادي وتحفيز الابتكار والابداع والتنمية الاقتصادية، مما يستلزم هذا الوضع - بطبيعة الحال -عقد منتديات نوعية وورش عمل دورية لخلق التفاعل المطلوب بين المتقاعدين والفاعلين الحاليين بمختلف القطاعات الانتاجية والخدمية، مما يساعد هذا الجهد المشترك لوضع حلول لتحديات قائمة. أيضا من الممكن توفير نظم لاعادة التأهيل والتدريب للمتقاعدين لتحديث مهاراتهم أو لتزويدهم بمهارات جديدة تسمح لهم بالعودة لسوق العمل جزئيا أو كليا واستخدام خبراتهم السابقة في سياقات جديدة، حيث من خلال التدريب التخصصي واستيعاب التكنولوجيا الحديثة يمكن للمتقاعدين الدخول بكل يسر في الاقتصاد الرقمي وتفعيل مشاركتهم في الشبكة العنكبوتية ( النت ) بكل تفريعاتها ومستحدثاتها وصولا للذكاء الاصطناعي ومستجداته، ناهيك عن امكانية الغوص عميقا في بحر الصناعات المعرفية والتي منها مثلا لا حصرا، التكنولوجيا المعلوماتية بكل تفريعاتها الحديثة ومشاريعها الصغيرة والمتوسطة والكبرى. ثم تقنيات «النانو»بكل تطبيقاتها الصناعية، سعيا لتقديم الاستشارات الفنية ودراسات الجدوى لأجل إنشاء مشاريع اقتصادية جديدة، أو الاستحواذ على مشاريع قائمة. لكن يبقى السؤال، كل تلك النشاطات السالفة الذكر، كيف سيتم تأطيرها واقعيا لترى النور في قطر الحبيبة؟ في اعتقادي، يمكن جمع وتفعيل كل النشاطات المذكورة أعلاه في إطار جمعية نوعية ( تخضع لقانون الجمعيات الأهلية المتبع في الدولة ). ويمكن لهذه الجمعية أيضا أن تحوي ناديا رياضيا اجتماعيا ترفيهيا لكافة المتقاعدين. ليمارسوا هواياتهم ورياضاتهم المتناسبة وأعمارهم وأوضاعهم الاجتماعية. على ذكر المتقاعدين بالمناسبة، أنا شخصيا لا أحبذ نطق كلمة ( متقاعد ) – مت - قاعداً – بل يجب أن يقال له مت واقفاً كالنخلة، واترك بعدك بصمة إيجابية، تفيدك أنت ومجتمعك وبلدك وأمتك. لهذا أفضل الاستعاضة بتسمية (Senior Citizens) ( كبار الموظفين/ أو المواطنين بدلا من المتقاعدين ) وهي منطقية أكثر، لأنها من حيث السن أغلب أعمار المتقاعدين يفترض أن لا تقل عن 65عاما). ترى على من يقع عبء تأسيس الجمعية المعنية بالمتقاعدين/ كبار الموظفين لتسهيل عطاءاتهم للدولة والمجتمع ؟ هناك بطبيعة الحال، ثلاثة خيارات أساسية وهي: إما عن طريق الدولة – أو القطاع الخاص ( مقابل الترويج لمشاريعه ومنتجاته ) أو المتقاعدين أنفسهم ( رغم أنه بعيد الاحتمال لكنه ليس مستحيلا ). بالتالي في تقديري عن طريق الدولة أضمن وأسلم وأيسر، فهي لا تقصر أبدا في واجبها نحو شعبها (من الجنسين ) خاصة ممن قضوا أكثر من ستة عقود من أعمارهم وأعمارهن في خدمة الدولة ورفعة شأنها وبالتالي من حق المتقاعدين عليها مكافأتهم أولا بتوفير (الراتب التقاعدي المناسب لحياة كريمة لهم مصحوبا بعلاوة دورية متناسبة مع معدل التضخم الحالي حتى لا يؤثر سلبا على القوة الشرائية والدخل الحقيقي للمتقاعدين، ثم تفعيل قانون توفير قرض حسن لإعانتهم على أعباء المعيشة المتنامية)، هذه الأساسيات المنتظرة حتى الآن لم تنفذ رغم صدور القوانين السامية بشأنها، وعسى المانع خيرا. ثانيا التوجه بإنشاء جمعية لهم لخدمة أهداف جميع الأطراف المعنية بالأمر (الحكومة- المجتمع – الاقتصاد والتنمية) وهذا المأمول حالياً بعون الله.