17 سبتمبر 2025
تسجيلقال صاحبي: يؤكد الدكتور أحمد أبو زيد في كتابه "هوية الثقافة العربية" إن "اللغة ليست مجرد أصوات أو ألفاظ منطوقة أو كلمات مكتوبة، وإنما هي كيان متكامل من الفكر والوجدان والتراث والتاريخ والقيم الدينية والأخلاقية، كما أنها أداة اتصال وتواصل، ولذا فإن استبدال لغة أخرى بها، فيه إهدار لكل هذه الأبعاد وانسلاخ المجتمع نفسه عن تاريخه، وعن ماضيه وعن هويته الثقافية، كما قد يكون فيه إضعاف، بل وتضحية بعلاقاته الثقافية والفكرية مع الأقطار الأخرى التي تشترك معه في تلك اللغة، وفارق كبير جداً بين أن يتعلم المرء اللغات الأجنبية لتكون وسيلة للتبادل الفكري مع الثقافات المختلفة، وبين أن يتبنى اللغة لتكون هي أداته في التفكير والتعبير على حساب لغته الأصلية". من الغريب أن ينجرف العرب إلى التخلي عن لغتهم بكل ما تحمله من تراث وتاريخ وثقافة، إضافة إلى ما تتميز به من ثراء وسهولة.. كان من الواجب عليهم أن يطوروا لغتهم وينهضوا بها بدلاً من هدمها، يكفي أنها لغة حية تواصل بها أهلونا عبر القرون، وعنها نقل الأوروبيون الحضارة الإسلامية التي كانت سبباً قوياً في نهضتهم الحديثة، اللغة العربية مليئة بوسائل الحياة والتطور، فهي لغة اشتقاقية، تسمح بتوليد الكلمات الجديدة، واستيعاب الكلمات من اللغات الأخرى في حالة الضرورة، إنها ليست لغة جامدة، لننظر ماذا فعلت إسرائيل، بعثت لغتها العبرية، وأحيتها من الموات، لتكون لغة للتخاطب ودراسة العلوم المختلفة، وإذا كانت العبرية استطاعت ذلك بعد مواتها، أفلا تستطيع العربية التعبير، عن مصطلحات العلوم المختلفة؟إننا نرتكب جرماً كبيراً أن تخلينا عن لغتنا العربية، لن يكون الجرم في حق أمتنا فحسب، وإنما سيكون في حق الإنسانية كلها، لأننا سنهدر جزءاً مهماً في تاريخ الإنسانية.وبالله التوفيق.