16 سبتمبر 2025

تسجيل

سمات العربية وخلودها

02 مايو 2011

لقد كان لتحضر قبيلة قريش عوامل مهمة ترفعها إلى الصدارة في الحضارة وفي اللغة، وهذه العوامل تفرضها القبائل العربية التي كانت في العصر الجاهلي تأتي إلى مكة قاصدة الحج والأسواق والمجامع الأخرى، مما حمل قريش على الاختلاط بهذه القبائل، واقتباس أفصح التعبيرات. كان لظهور الإسلام أثر بالغ في ظهور حركة لغوية كبيرة، وكان للقرآن الخالد أثره الأكبر في حركة التدوين للغة وتفسير معانيها، وأصبح الاهتمام بها شديداً، فجمعت من مظانها الصحيحة لرصد معانيها ورسم أوزانها، ووضع القواعد الضابطة لنطقها، فوصفه عز وجل بقوله: "كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعملون" فصلت: 3. واللغة العربية – كلغة جدة – تحتاج باستمرار إلى التطوير والتهذيب لمسايرة العصر الذي تعيش فيه – وهو دور مجامع اللغة العربية – كما أن المجد اللغوي لا يقل أهميته عن المجد السياسي للأمة العربية الناهضة، ومن لم ينشأ على حب تلك اللغة فقد استخف بتراث أمته، والمثقف الذي لم يتقن معرفة لغته ليس ناقص الثقافة فحسب بل في رجولته نقص كبير ومهين. واللغة انعكاس طبيعي لما عليه حال القوم، لأنها أداة الحاضر، وصورة التاريخ، منها نقتبس الألوان الحضارية والاجتماعية، واللغة العربية هي واحدة من اللغات التي اتسعت ونحت – ولا تزال قادرة على الاتساع والنمو ومحاكات الأمور – وأقامت لنا من تاريخها شاهداً حياً على صدقيتها.. ولحفظ الله لرسالته وكتابه الكريم قال جل شأنه في الآية التاسعة من سورة الحجرات: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". واللغة العربية أكبر لغات المجموعة السامية من حيث عدد المتحدثين، وهي إحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة في منطقة الوطن العربي. ولقد ارتفعت منزلة اللغة العربية وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي تظللت بالإسلام وأُرت تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي كالتركية والفارسية والأردنية والألبانية وبعض اللغات الأوروبية والإفريقية. والعربية هي حاملة (الرسالة السماوية) وناشرة الدين الإسلامي الحنيف وسفيرته إلى العالمين، وفاتحة دعوته، ولسان شعائره، وجامعة الأمة، ولآصرة الملة، وهي مبدعة الحضارة العربية، وراويتها بين الأجيال وذاكرتها على مر العصور، وهي لغة الإبداع الأدبي قبل الإسلام ولغة الإعجاز الإلهي بعده، فقد حملها الإسلام رسالته العالمية إلى البشرية كافة. وكان السلف الصالح يحبون تعلم اللغة وخدمتها وحبها من الدين ويدل على ذلك ما قاله الإمام أبو منصور الثعالبي: "من حب الله، أحب رسوله، ومن أحب الرسول العربي أحب العرب، ومن أ؛ب العرب أحب العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العرب والعجم، ومن أحب العربية عني بها، وثابر عليها وصرف همته عليها.."..