18 سبتمبر 2025
تسجيلتباين المتابعين الواسع والمكثف ما بين معجب ومتحفظ جانب من التميز في شخصية معالي رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني فأحاديث معاليه وتصريحاته دائماً ما تصنع حراكاً هاماً يتلقاه الجميع ما بين رافض ومؤيد والمحصلة الأهم بالطبع هي أن معاليه يضع النقاط فوق الحروف بشفافية مطلقه وغير معتادة في دهاليز سياستنا العربية حيث يُدخل المتابعين معه إلى غرف الاجتماعات حتى السرية منها ويطلعهم بدقه على ثنايا النقاشات وحيثيات الحوار عندما يكون طرفاً فيه بطريقة هي الأخرى غير معتادة في إعلامنا العربي أيضاً وهذا سر الإعجاب نحو معاليه وسر الرفض أيضا من أوساط اعتادت المناورة بالكلمات وإخفاء ما يمس الشأن العام عن أهله والمعنيين به , أما الجانب الآخر في تميز الشيخ المخضرم سياسياً فهو الثقة في النفس والارتكان على سياسة بلاده قطر نحو مجريات الأحداث الإقليمية والدولية ذات الرؤية الواضحة والمنهجية المتوافقة مع روح العصر ومستجدات التعاطي بثوابت تقدم مفهوم الإنسانية ومصالح الأمة على الكثير مما يمكن تقديمه في سياسة الدول ومواقفها , ففي حديث معاليه الأخير مع قناة الجزيرة والذي بث يوم الأربعاء الماضي كان معاليه هو ذاته حمد بن جاسم الذي كان يتحدث للقنوات ووسائل الإعلام منذ عرفته السلطة في قطر فقد كان واضحاً شفافاً يجيب على أسئلة مذيع الجزيرة دون مناورة أو تحوير بل كان نطاق الحوار يعتمد على شطارة المحاور وكيفية اغتنامه لوقت البرنامج ليحظى بالمزيد من الإيضاحات على أسئلته حتى ليقول المتابع ليت المذيع سأل الشيخ في كذا وكذا , عموماً أنا لا أعرف الشيخ حمد شخصياً وأظل من جملة المعجبين حول العالم بأسلوبه وصراحته التي طالما أحرجت أقرانه من الساسة العرب وغيرهم , ففي نفس حوار الأربعاء الممتع الذي يطل على صبيحة يوم الخميس الماضي حيث انعقاد القمة العربية الثالثة والعشرين في بغداد أعطى معالي الشيخ حمد بن جاسم إيضاحات منوعة حول الكثير من المواقف والأحداث العربية الآنية بل كان معاليه صريحاً مع الحكومة العراقية حين برر لمتابعي القمة أسباب خفض التمثيل السياسي لدول مجلس التعاون وبعض الدول العربية في القمة لملاحظة الجميع على الفئوية في الحكومة العراقية وهي رسالة صريحة وواضحة للمعنيين في العراق لضرورة الأخذ بمسلمات الواقع الديموغرافي في العراق دون إقصاء مخل بمسير العمل السياسي في هذا الوطن العزيز على الجميع والناشئ ديمقراطياً فقد كانت تلك نصيحة محبة من مصدر مطلع وخبير بمسلمات العمل السياسي دون أن تكون تدخلاً في الشأن العراقي حيث أردف معاليه بالقول إن الوضع في العراق غير صحيح وهو ما يفهم أن سلامة العراق وتعافي أوضاعه تتطلب التشخيص الدقيق لمشاكله وضرورة حلها بما يتوافق مع تطلعات الجميع دون إقصاء لفئة على حساب فئة أخرى وليكون العراق عربياً فاعلاً في قضايا أمته مثلما أصرت قيادته على استضافة القمة العربية وأن يكون لها دور محوري في قضايا الأمة ومصيرها , وفي الحقيقة تلك الصراحة في حديث الشيخ حمد بن جاسم تعد نصيحة مباشرة ومجانية وغير مغلفة بالمواقف والامتعاضات فقد ذكر في معرض الحديث أن نهجه الاتصال والتفاهم ومحاولة الحوار وهو ما ينسحب أيضا على الموقف تجاه الوضع في سوريا والتي تعد هي الأهم ما بين الملفات المطروحة على أجندة القمة فمعاليه برر كثيراً في اللقاء لماذا تكثف قطر العمل في الوضع السوري فالمشاهد الواردة من هناك تناهض الإنسانية كما أكد على سلامة الموقفين القطري والسعودي مما يحدث في المدن السورية فدول الخليج لا تجيد اللعبة الدموية سوى أنها حريصة على سلامة الشعوب من قهر القوة واستخداماتها المفرطة مرجحاً معاليه النموذج اليمني أمام الأطراف السورية للخروج من الأزمة ورغم أن صراحة الشيخ حمد بن جاسم لن تكون مقبولة من الأوساط المتعاطفة مع النظام السوري إقليمياً ودولياً إلا أن المتغيرات العربية تبعاً للربيع العربي تستلزم الصراحة والمكاشفة الجادة دون المزايدات والمماطلات فقد سبق لقطر الانسحاب من المبادرة الخليجية بشأن اليمن بسبب المماطلة في تنفيذها فقد ظل أمين عام مجلس التعاون الخليجي يمارس المكوكية في رحلاته من وإلى اليمن دون أن يتحقق شيء ملموس على أرض الواقع بينما الصورة النهائية كانت واضحة كما رأتها قطر مبكراً تستلزم خروج صالح من السلطة وهو ما يجب أن يتم في سوريا الآن بعيداً عن المماطلة وما يجب أن يفهم من قبل القيادة السورية تبعاً لمسلمات الواقع وشواهده محلياً وإقليمياً, مرة أخرى تبقى أحاديث الشيخ حمد بن جاسم نافذة حول الكثير من الحقائق وإن امتعض منها البعض فمعاليه يجيد تقييم حالة الثابت والمتغير في سياسة اليوم. [email protected]