15 سبتمبر 2025

تسجيل

ملف دارفور.. الدوحة جديرة بالانجاز

02 أبريل 2011

كلنا أمل في أن تكون زيارة الرئيس البشير إلى قطر قد وضعت حدا لملف مفاوضات الدوحة.. لقد هرمنا انتظارا للحظة تاريخية نغلق فيها هذا الملف، نعم هرمنا مثلما قال ذلك الثائر التونسي الذي ظلت الجزيرة تكرر جملته المؤثرة (لقد هرمنا.. هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية).. عندما تُذكر قطر يُذكر على الفور اتساع الأفق السياسي والدبلوماسية الفذة.. في قطر حلت الرؤية مكان القوة ونمطية الدولة العظمى بخيلها ورجلها بترسانتها العسكرية والنووية.. إذن فنحن أمام مفهوم جديد للدولة الكبرى المتفاعلة مع القضايا الساخنة.. السودان مرتاح ومطمئن لدور قطر لعدة أسباب رئيسة، فالدوحة تؤمن بوحدة السودان وتعي تماما التقاطعات الدولية التي تؤخر وتعرقل الحلول السياسية، كما لقطر رأي واضح وصريح ضد إجراءات المحكمة الجنائية التي تصب كذلك في نفس السياق. يبدو أن أهم العقبات تتمثل في تعنت بعض الحركات المسلحة، وهذه الجزئية مرتبطة بشكل وثيق بتردد واشنطن وعدد من الدول الغربية مثل فرنسا، وهو ما يزيد من شهية الحركات المسلحة التي تركب حصان التعنت وهو رهان لاشك خاسر.. مشكلة حركة العدل والمساواة أنها اعتمدت (إستراتيجية) المطالب الخيالية والدعاية الإعلامية الجوفاء لإيجاد كسب معنوي وتقوية لموقفها التفاوضي.. لقد أضاعت الحركة الوقت وأرهقت الوسطاء من دون جدوى كما تظن.. فهناك اعتقاد لدى قادتها أن التعنت (تكتيك) ضروري للحصول على مزيد من التنازلات؟! حركة العدل والمساواة أيضا ارتبطت بمحور ليبيا القذافي وحاولت نقل المفاوضات إلى ليبيا أو بالعدم إلى مصر.. المحادثات بين سمو الشيخ حمد والرئيس عمر البشير لاشك لامست قضايا الساعة، وفي صدارتها الوضع في ليبيا، في ظل توافق قطري سوداني في شأن الموقف من نظام العقيد معمر القذافي. ألا ليت شعري لا يكفي على الإطلاق أن نقول لقطر شكراً على وساطتك الخيرة وتبرعك السخي غير المسبوق للتنمية في دارفور.. مليار دولار تعني الكثير، إنه اقتران القول بالعمل.. نقول للأمير القطري نحن عندما نقصد قطر لحاجة فنحن على ثقة أننا نقصد معترفا بقدر السودان وأهله وسيبقى سراج الوصل أزهر بيننا لأنكم ساعون لاجتراح كل حل تندفع به غوائل الفتنة ونذر الشّر.. ليبقيك الله أيها الأمير في عزّة ومنعة من شعبك وبلدك. ستظل الدوحة أنسب مكان لمفاوضات معقدة وشاقة تنوء بحملها كثير من العواصم.. قطر طرف محايد بمفهوم الحياد الإيجابي حيث أعلى درجات العبقرية الدبلوماسية.. الوقت والمناخ الدولي والإقليمي ليس في صالح الذين ينأون عن السلام.. لن يرفع أحد العصا في وجه الرافضين للتفاوض ليركبوا سفينة السلام، هذه السفينة وحدها التي ستنقذ من يركبها من طوفان إرادة السلام، ولن يكون هناك جَبَلٌ يَعْصِمُ الرافضين فلاَ عَاصِمَ ساعة مندم فهم لاشك من الْمُغْرقينَ.. لابد للحركات المسلحة أن تلعب فقط في الميدان السياسي فهو الميدان الوحيد الذي أصبح متاحا. الحكومة السودانية يبدو أنها واثقة من أنه ليس بعد النصر على الأرض وامتلاك ناصية المبادرة والمبادأة، إلا فتح كتاب السلام.. فالسلام من موقف القوة هو السلام القابل للاستدامة.. في الدوحة ورغم طول المشوار وتعنت الحركات المسلحة، إلا أن إرادة السلام تعين المفاوضين على القفز على كل عقبة وخوض كل بحور الجدل سواء كان (بيزنطيا) أو حتى (سوقيا).. النجاح حتمي لأن رأس حية التعنت قد أصبح في وضع لا يحسد عليه.. لقد ظن إبراهيم خليل رئيس العدل والمساواة أن زمان التدليل سيطول معه وإلى ما لا نهاية حتى وقعت الفأس في الرأس.. القذافي الداعم الرئيس أصبح في خبر كان أما تشاد أدركت في الوقت المناسب أهمية علاقات إستراتيجية مستدامة مع السودان. كاتب صحفي وأستاذ جامعي