31 أكتوبر 2025

تسجيل

هل يمتلك الرئيس صالح الحكمة اليمنية فيتنحى؟

02 أبريل 2011

في زحمة الأحداث المتسارعة في اليمن، والتي يصعب على المتابع الإحاطة بها يتساءل المرء هل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عاجز أن يكون مختلفاً عن نظرائه في مصر وتونس وليبيا في أن يخرج من الحكم خروجاً مشرفاً يحفظ له ماء وجهه من ناحية ويفرض احترامه ووقاره عند من يطالبونه بالاستقالة والرحيل من ناحية آخر! لكن للأسف جاء خطاب الرئيس اليمني الأخير أقل بكثير مما يتوقعه الكثيرون بل بدا أنه بعيد جدا عن واقع الشارع وانه يغرد خارج السرب تماماً حين اتهم المنشقين من الجيش بأنهم يسعون للصعود إلى السلطة عبر الانقلابات لأن زمن الانقلابات قد ولى، بل بدا عازماً على مواجهة عسكرية مع من يريد أن يقف في وجهه من القيادات العسكرية والسياسية حين أشار إلى أن أي محاولة للاستيلاء على السلطة يمكن أن تؤدي لحرب أهلية، وذلك في كلمة أدلى بها أمام اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. ورغم نصاعة المشهد إلا أن حلقات الثوار تُضيق الخناق على رقبة صالح يوماً بعد يوم مع ظهور انشقاقات واسعة في حزبه وانحياز قيادات عسكرية وسياسية لساحات التغيير، وصالح يبدو متوجهاً للتصعيد مع الشباب الثوار وليس مستعدا للنزول عند مطالبهم حين جمع مجلس النواب في جلسة غير شرعية وغير مكتملة النصاب لمصادقة على قانون الطوارئ الذي دعا إليه، علماً أن قانون الطوارئ ساري المفعول منذ التسعينيات في الشارع اليمني حتى لو لم يكن هناك قانون يشير إليه حسب ما يقول بعض المعارضين للرئيس صالح. ومع إصرار صالح على دفع الشباب في ساحة التغيير على القبول بمبادرته التي تنص على رحيله مطلع العام القادم بعد إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة ورفض الثوار التفاوض معه قبل الرحيل نستطيع القول إن فصلاً جديداً دخلت به الثورة اليمنية بعد انضمام عدد من الألوية والقيادات العسكرية والأمنية وقيادات في الحرس الجمهوري إلى الثورة وعلى رأس هؤلاء قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر، إذ كان يُنظر إليه على أنه اليد الضاربة للرئيس صالح إلى جانب نجله أحمد الذي يقود الحرس الجمهوري، بل أكثر من ذلك تكاد الخطورة من انزلاق الوضع اليمني إلى حمام دم على نطاق أوسع مما كان عليه يوم الجمعة الدامي ربما بدا يعلو المشهد القادم مع مناوشات حصلت بين الحرس الجمهوري والجيش الذي أعلن ولاءه للثوار.. والخوف كل الخوف من أن تتطور تلك المناوشات بين المؤسستين العسكريتين إذا ما استمر الشد والجذب بين صالح والثوار إلى اشتباكات مسلحة في بلد يوجد فيه سبعة وستون مليون قطعة سلاح، ما قد ينذر بالقضاء على اليمن ووحدته وليس على الثورة الشبابية التي أعطت طابعاً جديداً عن الشعب اليمني وشبابه تحديداً الذي يرغب بالعبور نحو دولة ديموقراطية يعتز بها وتعتز به. لم يبق أمام صالح من أوراق يستخدمها حقيقة للحفاظ على كرسي الرئاسة إذا كان بالفعل حريصا على وحدة اليمن ومستقبله، أمّا إذا كان مستعدا للتضحية والمخاطرة باليمن ومستقبله مقابل البقاء في السلطة فهو حقيقة لا يزال يملك كثيرا من الأوراق التي تسعفه على المناورة والمقامرة بمستقبله ومستقبل المقربين منه فضلاً عن مستقبل اليمن لكن ليس بالضرورة أن استعمال تلك الأوراق والتي منها تصعيد الجبهة في صعدة أو افتعال ما يحرك تنظيم القاعدة في الجنوب قد يضمن له البقاء أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. نعم إن خيارات علي عبد الله صالح تقل يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة لكن القرار العظيم الذي قد يرفع صالح عالياً بين شعبه بعد أن انخفضت شعبيته بشكل لا يحسد عليها لا يزال بيده أنه قرار التنحي الذي سيثبت به صالح أنه رجل دولة وأن قلقه الذي يردده عن الاطمئنان على مستقبل اليمن قبل تنحيه هو قلق حقيقي وليس للالتفاف على مطالب الشعب، طالما أن الشعب ليس قلقاً على مستقبله بعد رحيله.