14 سبتمبر 2025

تسجيل

الإضرابات الليبية وارتفاع غير مبرر لأسعار النفط

02 مارس 2011

تسببت الاضطرابات الليبية في ارتفاع ملحوظ لأسعار النفط حتى اقترب سعر خام برنت من المائة والعشرين دولارا للبرميل. كما جاوز سعر الخام الأمريكي المائة دولار للبرميل. وهي أعلى أسعار للنفط منذ عامين ونصف. وكان من الواضح أن العوامل السياسية كانت المحركة لارتفاع أسعار النفط. مع التخوف من انتقال الاحتجاجات إلى دول أخرى منتجة للنفط مثل الجزائر ودول الخليج العربي، إلا أنه على المستوى الاقتصادي فإن عوامل العرض والطلب تشير إلى وجود وفرة لدى المنتجين والمستهلكين، يمكنهم من خلالها التدخل لتعويض نقص النفط الليبي. ولذلك لم تتحرك أوبك ولو لمجرد تقديم موعد اجتماعها المقرر في يونيو القادم. وإن كانت بعض دولها قد زادت من صادراتها للاستفادة من الظروف التي سببتها الأحداث الليبية، كما أشار صندوق النقد الدولي إلى توقعه أن تكون صدمة العرض بسبب نقص النفط الليبي مؤقتة، كما تطمئن الدول الأوروبية إلى أن أوبك وروسيا ستتدخلان لعدم حدوث اختناق في إمداد النفط أو الغاز لأوروبا، كما تطمئن أمريكا لإمكانية زيادة الإنتاج السعودي لتعويض نقص الإنتاج الليبي. وهكذا تشير العوامل الموضوعية إلى أن ارتفاع أسعار النفط بتلك القفزة بسبب الأحداث الليبية كان مبالغا فيه، فحسب بيانات أوبك فقد أنتجت ليبيا مليونا و474 ألف برميل يوميا خلال العام الأسبق مما يضعها بالمرتبة الخامسة عشرة دوليا، وهو ما يمثل نسبة 2 % من إنتاج الخام العالمي. وإذا كانت أوبك قد خفضت إنتاجها بنحو 2ر4 مليون برميل يوميا منذ بداية العام الأسبق وحتى الآن. فإن نقص إنتاج أوبك ما بين عامي 2008 و2009 قد بلغ 3 ملايين و148 ألف برميل يوميا. منها 248 ألف برميل يوميا تخص نقص الإنتاج الليبي ضمن دول أوبك. وهو ما يعني مع استبعاد نقص الإنتاج الليبي ما بين عامي 2008 و2009 حدوث نقص في إنتاج أوبك 9ر2 مليون برميل يوميا. أي ما يعادل ضعف الإنتاج الليبي. أي أنه من الممكن لأوبك بسهولة زيادة إنتاجها إذا أرادت لتعويض النقص في الإنتاج الليبي. ومن ناحية أخرى فإن هناك مخزونا إستراتيجيا للطوارئ لدى الدول المتقدمة يكفيها 145 يوما. كما يوجد مخزون لدى شركات التكرير الأوروبية القلقة من نقص النفط الليبي يكفيها لمدة شهر. وإذا كان التوزيع النسبي لتصدير البترول الليبي خلال نوفمبر من العام الماضي قد أشار إلى توجه نسبة 26 % من صادراتها النفطية إلى إيطاليا و15 % إلى فرنسا و11 % للصين و10 % لكل من ألمانيا وإسبانيا و5 % لليونان و4 % لإنجلترا ونسبة 3 % من صادراتها للولايات المتحدة. فإن تطبيق نفس النسب على صادرات ليبيا خلال العام الأسبق والبالغة حسب أوبك 3ر1 مليون برميل من الخام والمشتقات معا يشير إلى أن تلك الكميات لا تمثل بالنسبة للدول المستوردة للبترول الليبي سوى نسب قليلة من وارداتها النفطية عدا إيطاليا. حيث تمثل الواردات النفطية من ليبيا نسبة 18 % من واردات إيطاليا النفطية البالغة 9ر1 مليون برميل يوميا. بينما تقل النسبة إلى 8 % من واردات فرنسا النفطية البالغة 4ر2 مليون برميل يوميا. ونسبة 8 % من واردات إسبانيا النفطية البالغة 7ر1 مليون برميل يوميا. ونسبة 3 % من واردات الصين النفطية البالغة 4ر4 مليون برميل يوميا. ونسبة 6ر0 % من واردات الولايات المتحدة النفطية البالغة 3ر11 مليون برميل يوميا. وهكذا تعتمد الدول الأوروبية على الاستيراد لغالب احتياجاتها من دول أخرى أبرزها روسيا والنرويج ودول خليجية. والأمر نفسه لإمكانية استيعاب نقص صادرات الغاز الطبيعي الليبي بسبب الاحتجاجات. وهي الصادرات التي بلغت 9 مليارات و890 مليون متر مكعب بالعام الأسبق. والتي تتجه إلى دولتين فقط هما: إيطاليا وإسبانيا. وبمقارنة واردات الدولتين من الغاز الليبي يتضح أن الصادرات لإيطاليا البالغة 9 مليارات و170 مليون متر مكعب لا تمثل سوى نسبة 13 % من واردات الغاز الإيطالي في ظل استيراد إيطاليا للغاز من تسع دول أبرزها الجزائر وروسيا.. أما واردات إسبانيا من الغاز الطبيعي من ليبيا والبالغة 720 مليون متر مكعب فلم تمثل لها سوى نسبة 2 % فقط من وارداتها من الغاز الطبيعي والذي تستورده من 11 دولة. لكنه على المستوى العملي فكلما زادت معدلات توقف الشركات الأجنبية العاملة رغم كون كثير منها ما زالت في مرحلة التنقيب ولم تدخل بعد مرحلة الإنتاج مثل BP البريطانية وشل الإنجليزية الهولندية وجاز بروم الروسية فإن تداول أخبار تلك الشركات إعلاميا بما لها من سطوة ينعكس على زيادة المخاوف مما يدفع أسعار النفط بالبورصات للارتفاع. رغم قلة الكميات التي تنتجها معظم تلك الشركات. فشركة ريبسول الإسبانية أنتجت بالعام الأسبق 278 ألف برميل خام يوميا، وشركة إيني الإيطالية 260 ألف برميل، وشركة توتال الفرنسية 50 ألف برميل خام يوميا.