30 أكتوبر 2025
تسجيلوصل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام2015 أكثر من 30 ألف مهاجر يهودي جديد، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 10% عن العام 2014 الذي هاجر فيه 27500 إلى إسرائيل.. وهو أعلى مستوى تصل إليه الهجرة إلى إسرائيل على مدار السنوات الــ 12 الماضية، حيث كشفت معطيات الهجرة عن ارتفاع بنسبة %25 في عدد المهاجرين إلى إسرائيل من دول أوروبا الشرقية مقابل زيادة قدرها 6% في نسبة عدد المهاجرين من أوروبا الغربية. وقد بلغ عدد القادمين من الولايات المتحدة 9330 مهاجرا.وأشارت الوكالة اليهودية، ووزارة "الهجرة والاستيعاب"، الإسرائيلية في تقرير مشترك أن 50% من المهاجرين الجدد كانوا دون سن الثلاثين عاما. وقد حلّت فرنسا التي تعرضت لسلسلة عمليات تخريبية دموية تبناها تنظيم داعش وتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في المرتبة الأولى من حيث عدد المهاجرين، للعام الثاني على التوالي، حيث وصل منها 7900 مهاجر. تلتها في الترتيب أوكرانيا بقدوم 7 آلاف مهاجر. في حين حلّت روسيا في المرتبة الثالثة بوصول 6600 مهاجر منها، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 40% مقارنة مع العام 2014. الصورة الأخرى والمعاكسة للأولى بطبيعة الحال، هو ما أعلنت عنه المفوّضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خلال الأسبوع الأخير من العام 2015 أن أعداد اللاجئين العرب الواصلين إلى أوروبا عبر البحر فقط تجاوز المليون لاجئ، في حين غرق ثلاثة آلاف و735 شخصاً في مياه البحر العام الحالي. وقد زادت أعداد اللاجئين الواصلين أوروبا عام 2015 خمسة أضعاف مقارنة بالعام الفائت. وتصدر السوريون القائمة، تلاهم القادمون من أفغانستان والعراق وفق البيان الصادر عن المفوضية العليا التي أكدت أن 84% من اللاجئين الواصلين إلى أوروبا قدموا من سوريا، وأن عدد اللاجئين الذي وصلوا اليونان عبر بحر إيجه تجاوز 844 ألف لاجئ، فضلاً عن وصول أكثر من 152 ألف لاجئ إلى إيطاليا وثلاثة آلاف إلى إسبانيا، عبر البحر المتوسط.بالمقارنة بين الصورتين السابقتين، نجد أن عام 2015 عاماً زاهراً لإسرائيل التي نجحت بجدارة في عزل نفسها تماما عن أزمات المنطقة، رغم أنها متورطة حتى أذنيها في افتعال الأزمات أو تغذيتها في عدد من الدول العربية. وها هي تنتشي بالآمال الطموحة للعام 2016 حيث تقدّر بعض الدراسات الإسرائيلية والغربية أن أمام تل أبيب فرصة نادرة تاريخياً، وقد تتطلب منها الشجاعة للاندفاع أكثر في أزمات العالم العربي، فتعمل على تغذية عمليات الانفصال التي ينادي بها بعض الكرد، مع الضعف الواضح الذي نخر عظام دول كبيرة في المنطقة مثل سوريا والعراق ومصر، تزامناً مع تنامي لافت للنفوذين التركي والإيراني. هذا الخلل الناشئ عن انتهاء صلاحية القواعد التي أرستها اتفاقيات سايكس- بيكو قد يساعد في بناء "كردستان الكبرى" التي ستقتطع لنفسها أراض مما كان يعرف يوماً بالعراق وسوريا. وسيكون المولود الجديد حليفاً وثيقاً لإسرائيل، انسجاماً مع العلاقات التاريخية القائمة بين بعض قياداته وإسرائيل، وعدواً محتملاً للعرب ومن جاورهم من الإيرانيين والأتراك. وبما أن نزعات الانفصال تزداد، ودعواتها ترتفع تحت مسميات مختلفة، وأن أي حلول مقترحة حتى الآن للأزمات العاصفة لا تستبعد منها عمليات الفيدرلة، فلابد لإسرائيل أن تكون حاضرة بقوة لرسم المشهد، وليس التفرج عليه، وهو يرسم على يدّ الدول الفاعلة على الساحة الدولية..(انظر إن شئت مقالة "الون بن دافيد" في صحيفة معاريف الصادرة في 25/12/2015). ما كان زاهراً ومشرقا على دولة إسرائيل كان شؤماً على الدول العربية. فالأزمات لم تحلّ في أي بلد عربي، ورحى الحرب توسعت عام 2015 لتطال دولاً جديدة، وتغرق بها دول أخرى، ومستويات القتل والتخريب لم تنخفض بل زادت شراسة، وتنوعت أهدافها ووصلت إلى مدايات متفاوتة. وكان المواطن العربي أو الإنسان العربي الأكثر ضررا من هذه الأزمات والمآسي. وهو من يدفع فاتورة تصفية الحسابات التي تجريها القوى الإقليمية والدولية على أرضه. فلم يجد بدّا من الفرار أملاً بالنجاة. وإذا كان اللاجئون السوريون يفرون إلى تركيا ولبنان والأردن خلال السنوات السابقة، فإنهم في العام 2015 لم يألوا جهدا في التوجه نحو أوروبا بحثا عن مكان أكثر استقراراً مع وصول ارتدادات الأحداث السورية إلى الدول التي لجأوا إليها.