13 سبتمبر 2025
تسجيلأكد رئيس وزراء حكومة الانقلاب في مصر "حازم الببلاوي" الأحد الماضي 29 ديسمبر أن وزير داخليته لم يسلمه أي دليل واضح على تورط الإخوان في حادث تفجير مديرية أمن الدقهلية وأضاف: "لكن من المعروف أن الجماعة تقوم بعمليات إرهابية!!" وأعطى مثالًا لتأكيد صحة استنتاجاته "أنه عندما يكون هناك عائلة عليها ثأر ويقتل أحد أفرادها فمن الطبيعي أن العائلة الأخرى هي التي قتلته"! وأقول: ليس أصرح ولا أدل من هذا الاعتراف الصريح على أن تهمة الإرهاب التي ألصقوها بالإخوان وقرروا ملاحقتهم بها إنما هي تهمة سياسية كيدية لا تستند لمعطيات منضبطة ولا لدلائل يقينية ولا حتى ظنية راجحة.. وعليه؛ فاتهام الإخوان بالإرهاب من قبل هؤلاء إنما هو دليل إضافي على كذبهم وعلى لا أخلاقيتهم وعلى أن ما يتحكم في تصرفاتهم ويسير مواقفهم وإعلاناتهم إنما هو خالص الحقد وسابق الغيرة ووحر الخصومة. ولك أن تتخيل خطورة وعمق أزمة هؤلاء التي أوقعوا أنفسهم فيها، فقد استقر وجدان الرأي العام في مصر وخارجها!! على أمرين أو تطورين – بهذه التهمة. الأول: مزيدا من فقدان الثقة بالانقلابيين وما يعلنوه أو يتخذوه من مواقف، والثاني: مزيدا من أخلاقية ومظلومية الإخوان ورمزيتهم في المصداقية والصمود.. وبأثر رجعي على كل ما اتهموا به في يوم من الأيام. هذا هو السر في أن جهات كثيرة ومعنية بتفعيل هذه التهمة ضد الإخوان والاستثمار فيها حتى من الدول الداعمة للانقلاب من عربية وأجنبية قررت أن تنأى بنفسها عن هذا (العبط الأحمق) لتعلن أن الأمر يتعلق بالشأن المصري الداخلي ولا علاقة لهم به.. هذا الموقف ليس بالضرورة مبنيا على موضوعية أو عدالة أو عدل هذه الجهات بقدر ما هو نوع من حسابات الربح والخسارة التي لم يتنبه لها الانقلابيون ببسارة فهمهم وسوء طالعهم ووهم خيالاتهم. وإذن فما أراده الانقلابيون من هذا القرار وما توقعوا أن يحققوه من استثمارات سياسية ودبلوماسية وكسب شرعية على حسابه لم يتحقق وعلى العكس فقد باعدهم عن أقرب حلفائهم وفاصلهم عن ألزم داعميهم وزاد عزلتهم.. بالتالي فهم قد أحرقوا به ورقة أخرى كانت بأيديهم، وكان يمكن أن يستعملوها في وقت وسياق آخر، وهم قد أضافوا لخسائرهم الاستراتيجية وخسائر المشروع الاستعماري الصهيوني الذي يخدمونه مزيدا من الخسائر الاستراتيجية. أما أن "الإخوان المسلمون" إرهابيون فمجرد عدم مسارعة خصومهم للاستثمار في هذه التهمة – أو القرار - إنما يضيف للإخوان شرفا وشرعية ربما هذا الأوان هم وشعوبهم في أمس الحاجة لتلحيم وتثبيت ولائهم به، وذلك يذكرنا بقوله تعالى (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وقول القائل (وإذا أراد الله نشر فضيلة * طويت أتاح لها لسان حسود * لولا اشتعال النار فيما جاورت * ما كان يعرف طيب عرف العود *) ويذكرنا أيضا بما حاوله بعض خبثاء الغرب من اجتراء على الإسلام وعلى رسوله الكريم فشتموه ورسموه وقبحوا دينه صلى الله عليه وسلم بما ينبئ عن كرههم القديم الحديث للإسلام والمسلمين.. فكانت النتيجة أن انساح المسلمون في جنبات الكرة الأرضية يلهجون بالثناء عليه ويفدونه وسيرته بأنفسهم.. فانطلق بالتوازي معهم المنصفون في الغرب وعوامهم ومثقفوهم الذين غفلوا عن الإسلام وانشغلوا عنه بيومياتهم.. يبحثون في سيرة هذا الرجل العظيم – صلى الله عليه وسلم - ليتعرفوه عن كثب، وليقفوا على الأسباب التي جعلت الملايين تتعلق قلوبهم به وأفئدتهم بحبه وعقولهم بتعاليمه إلى هذا الحد.. فقرؤوا سيرته العطرة وأحاديثه الشريفة وطالعوا القرآن الذي نزل إليه من رب العالمين.. فإذا بالنتيجة المذهلة تنقلب على رؤوس من أراد أن يبعدهم عن الحق وأن يسيء إلى دين الحق وإلى رسول الحق.. فدخل الكثير منهم هذا الدين واعتنقوه، وصاروا من أشد المؤمنين به والمدافعين عنه.. حتى تناقلت الأخبار أنه في تلك السنة وحدها دخل الإسلام خمسون ألفاً من سكان موسكو عاصمة الروس وعشرة آلاف في بروكسل عاصمة بلجيكا. فإذا أضفنا لمكارم الإخوان ما تقرر من تاريخهم الحاشد بالعمل الخيري في بلدانهم، وفكرهم الوسطي الذي يجمع الصرامة في الحق والوضوح في الرؤية والسلمية تجاه شعوبهم والقوة والجدية والرصانة في مواجهة أعداء أمتهم، وجمعنا لكل ذلك بطولاتهم وإبداعاتهم الجهادية ضد أعداء الأمة وسياساتهم وهيمناتهم، وضد الاحتلال الصهيوني التي صيرتهم القادة والسادة والرموز، وأضفنا له ما أنبته الإخوان في الأمة من اتجاه لتحكيم الشريعة، وأن جل قادة العالم الإسلامي منذ مطالع القرن الماضي دعويا وفكريا وتربويا وعلميا وثوريا هم منهم.. فلا غرو ولا مبالغة إن قلنا لقد انتهت إلى الإخوان ورؤيتهم ورصيدهم أمجاد قيادة الأمة وتجسيد نماذج أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وسعيد. لقد صار مجد الإخوان اليوم عظيما، وصاروا ملء السمع والبصر، وما وصولهم لسدة الحكم وثقة الشعوب بهم رغم كل السنين السوداء التي تعرضوا فيها لصنوف قصقصة فرصهم وتزوير الرأي العام ضدهم والإشاعة السلبية عليهم إلا دليلا على ذلك.. ولئن بدت الأمور في نظر المستعجلين والواهمين والكارهين على غير ذلك فما ذلك إلا لسذاجة وعيهم وحمق رأيهم وبسارة فهمهم. آخر القول: فليعلم الببلاوي ومن فوقه السيسي وكل سيسي في أي مكان أن شعوبنا قد وعت الدرس وعرفت الطريق وذاقت طعم الحرية وأن ما كان في خمسينيات القرن الماضي قد صار ماضويا وصار من يتشبثون به مثله.