14 سبتمبر 2025

تسجيل

الجيش اللبناني في مرمى النيران

02 يناير 2014

لا تزال تداعيات الهجومين اللذيْن تعرضا لهما الجيش اللبناني يوم الأحد الماضي تتفاعل على الصعيدين الأمني والسياسي. فالعمليات الانتحارية التي لم يعهدها لبنان، خلافاً لما عليه الحال في بعض دول الجوار، بدأت تتسلسل إليه رويدا رويدا. في الصحافة اللبنانية هذه الأيام الكثير من التقارير عن خلية نائمة هنا أو مجموعة متشددة هناك. وزارة الداخلية هي نفسها لم تسلم بشخص وزيرها، فالرجل هُدّد بالذبح من قبل تنظيم متشدد قبل أيام، والكلام على ذمّة الوزير نفسه. الاستنزاف الأمني المستمر في طرابلس لم يعد وحده ما يطبع المشهد الأمني في لبنان، الاستهداف المتكرر للجيش بات يتصدر الأحداث في الآونة الأخيرة، فمن يقف وراء استهداف المؤسسة العسكرية في لبنان؟ الجيش اللبناني في مرمى النيران، ربما هذا عنوان المرحلة الحالية بعد سلسلة الهجمات التي تعرض لها الجيش، اللبنانيون المنقسمون على أنفسهم في أغلب القضايا السياسية كانت المؤسسة العسكرية محطّ إجماع دائماً، بل يعتبرها أغلب الساسة المؤسسة الوطنية الوحيدة المتبقية من إرث الدولة اللبنانية التي تتلاشى وتضعف بفعل عوامل داخلية وأخرى خارجية. مساء الأحد الماضي تعرض الجيش لهجومين بدا أنهما منسقان تماماً من حيث الأسلوب، فأقل من ساعة فصلت بين الهجومين اللذين وقعا جنوب العاصمة بيروت. الأول كان هجوماً بقنبلة يدوية على حاجز للجيش عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا، قتل الجيش المهاجم وسقط له جريحان. في الاعتداء الثاني ترجل شاب من سيارة رباعية الدفع يستقلها شابان آخران، وفجرّ نفسه أمام حاجز للجيش، الهجوم أودى بحياة جندي وجرح عنصرين آخرين. سيطرة الجيش على السيارة المهاجمة بعد قتل من فيها أدى إلى ضبط حزام ناسف وعدد من القنابل والصواعق الكهربائية، والروايتان السابقتان ظهرتهما حصرياً المؤسسة العسكرية. بعد ساعات على الحادثة، غصّت الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي بصورة لمنفذ العملية تجمعه بعدد من الشباب على شاطئ مدينة صيدا، من بينهم الانتحاري الذي قام بتفجير السفارة الإيرانية الشهر الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت. ذاك التفجير الذي أعلنت كتائب عبدالله عزام المرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عنه في أول حادثة من نوعها تتبناه كتائب عبدالله عزام منذ تبنيها لعمليات إطلاق صواريخ كتيوشا على شمال فلسطين المحتلة من جنوب لبنان عام 2005. ومن المعروف عن مفجر السفارة الإيرانية والمسؤول عن الهجوم على الجيش الأحد الماضي أنهما من أنصار الشيخ السني المتشدد أحمد الأسير الذي كان رأس حربة في مواجهة حزب الله وإيران في لبنان وانتهت مسيرته السياسية بمواجهة عسكرية تورط بها ضد الجيش اللبناني في يونيو الماضي.. معركة أودت يومها بحياة ثمانية عشر جندياً وأحد عشر مسلحاً من جماعة الشيخ الأسير قبل أن يسيطر الجيش على المربع الأمني التابع له. من بعدها غاب الشيخ الأسير عن الأنظار في حين نشطت تغريداته على تويتر، وبث له بعض الصوتيات يروي ما حدث، ويتوعد حزب الله وإيران بالاستمرار في مواجهتهم. الاعتداءات الأخيرة التي طالت الجيش اللبناني أعادت إلى الأذهان اغتيال ثلاثة من عناصره في مايو الماضي على يد مجموعة مسلحة على مدخل بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، قيل يومها إنهم ينتمون لجماعة إسلامية متشددة كانت تنشط بين لبنان وسوريا، وتلعب دوراً في دعم التنظيمات الجهادية المتشددة داخل سوريا. طبعاً ليس جديداً الحديث عن وجود جماعات متشددة قريبة أو مرتبطة بتنظيم القاعدة في لبنان، حصل ذلك العام 2000 فيما يعرف بمجموعة الضنية التي خاض الجيش معركة للقضاء عليها، ثم تكرر الأمر وبشكل عنيف جداً مع مجموعة فتح الإسلام عام 2007 حيث خسر الجيش ما يزيد على مائة وثلاثة عشر عنصراً في مواجهة هذا التنظيم الذي كان يتمركز في مخيم نهر البارد، الأمر الذي أدى إلى تدمير المخيم بالكامل. تبعه بعد ذلك سلسلة استهدافات طالت المؤسسة العسكرية كان منها اغتيال مدير العمليات في الجيش اللبناني العميد فرانسو الحاج العام 2007. المقلق اليوم في المشهد هو ظهور العمليات الانتحارية خلافاً لما هو معهود عن الجماعات المتشددة لبنانياً وسط انقسام سياسي حاد واحتقان مذهبي لامس سقف الانفجار في وقت لا يعلم أحد إلى أين يتجه الوضع في سوريا الذي يلقي بثقله الشديد على كامل المشهد اللبناني!.