18 سبتمبر 2025
تسجيلأشرت في مقالي السابق إلى أن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية قد عقدت قبل أسبوعين ورشة عمل لمراجعة وتقييم الإستراتيجية الصناعية الموحدة لدول المجلس، وكان ذلك بتكليف من لجنة التعاون الصناعي-وزراء الصناعة- الذين طالبوا بإعداد إستراتيجية صناعية جديدة تأخذ بعين الاعتبار ما استجد من تغيرات منذ إقرار الإستراتيجية الراهنة. وكانت دول المجلس قد أقرت الإستراتيجية الصناعية الموحدة لأول مرة في عام 1985، وتم تعديلها ثم إقرارها في الفترة 1998-2000، وأجرت المنظمة تقييماً لها بناء على طلب الأمانة العامة لدول المجلس في عام 2009. وكانت دول المجلس قد بدأت في إعداد إستراتيجية صناعية خاصة لكل منها بدأتها الكويت في ذلك العام، ثم السعودية في عام 2008، وتلتهما الإمارات مؤخراً. وقد اختلفت هذه الإستراتيجيات الوطنية في منطلقاتها وأهدافها وأولوياتها عن بعضها البعض، وإن راعت الاتفاق في بعض الجوانب. ومن الطبيعي أن تستشعر دول المجلس الحاجة إلى إصدار نسخة جديدة من الإستراتيجية الصناعية الموحدة تأخذ بعين الاعتبار ما استجد من أمور، وما تم تحقيقه من إنجازات، وما ثبت عدم مواءمته لواقع الحال من أهداف أو أولويات. وقد تبين مما عرضه الدكتور أنور القرعان في ورشة العمل أن الدول الأعضاء لها مرئيات في موضوع الإستراتيجية الصناعية الجديدة؛ نلخصها كالتالي:• طالبت السعودية بتضمين الإستراتيجية الصناعية الموحدة أهدافاً واقعية ومتفقا عليها وتنسجم مع الإستراتيجيات الصناعية لدول المجلس كافة.• طالبت سلطنة عمان ببيان المنطلقات والمرتكزات التي تستند عليها الإستراتيجية، وتحديد الجهاز الذي سيشرف على تنفيذها وتقييمها، وجهة التنفيذ في كل دولة.• طالبت دولة قطر بالتركيز على زيادة الحوافز الصناعية لجذب استثمارات القطاع الخاص، وإقامة المنشآت الصناعية بالقرب من مصادر الطاقة والمواد اللقيمة، وتشجيع القطاع الخاص ورواد الأعمال، وأصحاب الابتكارات، وتحسين جودة التشريعات والتنظيم الصناعي، والاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة.• شددت الكويت على أهمية الربط والتكامل بين الإستراتيجية الصناعية الموحدة وإستراتيجية التنمية الشاملة بعيدة المدى لدول المجلس (210-2025)، وطالبت بإيجاد إطار زمني محدد وآلية للقياس.• طالبت الإمارات بمراعاة اختلاف أولويات الصناعة ما بين دولة وأخرى، مع مراجعة صياغة الأولويات بحيث تنسجم مع قواعد التجارة العالمية خاصة ما يتعلق باتفاقية الدعم والتدابير التعويضية، والاهتمام بالصناعات القائمة على التكنولوجيا المتطورة.• دعت البحرين إلى التركيز على تصنيع الخامات المحلية ومشتقاتها والتوسع في إنشاء المجمعات الصناعية المتكاملة بأنواعها، وتشجيع رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للاستثمار في القطاع الصناعي، مع التركيز على الصناعات المعرفية، والدوائية، والغذائية، وصناعات الطاقة المتجددة.• أوصت الأمانة العامة لدول المجلس بأن تتميز الإستراتيجية الجديدة بالمرونة والتكيف مع المتغيرات، واعتماد أسلوب المراحل، وضرورة تقييم الأولويات ومراعاة اختلافها بين الدول.والحقيقة أن كثيراً من هذه التوصيات منصوص عليه بالفعل في الإستراتيجية الراهنة، التي تقع في 6 صفحات، وتتكون من أربعة بنود رئيسية هي: 1- الأهداف الأساسية للإستراتيجية، 2-أولوياتها، 3- سياسات تنفيذها، 4- متطلباتها. (النص الكامل موجود على موقع الأمانة العامة لمجلس التعاون).. ومع ذلك فإن بعض التوصيات لها وجاهتها. ويمكن إبراز عدد من التوصيات المهمة في هذا المجال على النحو التالي:1- ضرورة مراجعة الأهداف الأساسية، فليس من المعقول-على سبيل المثال- الإبقاء على هدف رفع نسبة إسهام العمالة الوطنية في قطاع الصناعة إلى %75 بحلول عام 2020، فذلك هدف قد لا يتحقق في معظم أو كل الدول. ومن الضروري أن تكون الأهداف بوجه عام قابلة للتطبيق والقياس لمعرفة مدى التقدم في تنفيذ ما يرد فيها.2- ضرورة تحديد الجهاز الذي يشرف على تنفيذ الإستراتيجية ومتابعة تقييمها.3- الربط والتكامل بين الإستراتيجية الصناعية الموحدة وإستراتيجية التنمية الشاملة لدول المجلس، واعتماد أسلوب المراحل، مع تحديد أطر زمنية للإستراتيجية الصناعية الموحدة.4- التأكيد على التنسيق والتعاون الصناعي مع دول الجوار في العالم العربي.الجدير بالذكر أن التوصيات التي تمخضت عنها ورشة العمل في الدوحة عن هذا الموضوع لم تنشر وفي تقديري أنها ربما بحثت مثل هذه الأمور بالتفصيل بحيث إنها قد تقترح على الأقل أهدافاً معدلة، وأولويات مقسمة إلى مراحل، على أن تترك تفصيل السياسات والمتطلبات إلى مرحلة لاحقة. وبعد فهذا ما سمحت به المساحة للنشر، ولكن الموضوع قد يحتاج إلى تفصيلات كثيرة قد نعود لها ثانية، ذلك أن من المطلوب فتح نقاش عام في مسألة الأهداف والأولويات بما يساعد على رسم إستراتيجية صناعية موحدة تلبي طموحات الخليجيين، وتنسجم مع تطلعاتهم.