15 سبتمبر 2025
تسجيلجدد تبادل القصف المدفعي ما بين شطري شبه الجزيرة الكورية المخاوف من اتساع نطاق المواجهة بين البلدين. وبما يؤثر على الاقتصاد الدولي الذي لا يكاد يخرج من كبوة حتى تلحق به كبوة أخرى. حيث لا يزال يضمد جراح مشكلة الديون اليونانية ويسعى لعلاج ديون مصارف أيرلندا. ويخشى من امتداد مشكلة الديون إلى البرتغال وإسبانيا. فهو ليس بحاجة لمشاكل جديدة. خاصة أن المشكلة تتعلق بدولتين يسكنهما 73 مليون نسمة. حيث تمثل كوريا الجنوبية الاقتصاد الخامس عشر دوليا والمركز العاشر بالتجارة السلعية الدولية. أما كوريا الشمالية فلا توجد عنها بيانات بتقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية سوى بيانات وكالة المخابرات الأمريكية التي تضع اقتصادها بمركز متأخر. وهى بيانات تزداد درجة الشك فيها. حيث ذكرت أن الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الشمالية بطريقة تعادل القوى الشرائية بلغ 40 مليار دولار بالعام الماضي مما يضعه بالمركز السادس والثامن دوليا. والغريب أنها ذكرت نفس القيمة للناتج خلال عامي 2007 و2008. كما أنه يصعب تصديق أن مجموع إنفاق الموازنة لكوريا الشمالية التي يسكنها 24 مليون شخص قد بلغ أقل من ثلاثة مليارات من الدولارات. رغم أنها بلد اشتراكي يفترض اعتماده على الإنفاق الحكومي. وقام بإجراء تجارب نووية تتكلف المليارات. وخلال القصف المدفعي الأخير بين البلدين زعمت كل دولة من الكوريتين أن الدولة الأخرى هي التي بدأت بالعدوان. بينما نجد الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تتبنى وجهة نظر حليفتها كوريا الجنوبية. وكانت شبه الجزيرة الكورية منطقة واحدة احتلها اليابان منذ 1910 وحتى بعد الحرب العالمية الثانية حين تم إجبارها على الاستسلام. إلا أنه تم خضوع الشمال الكوري للاتحاد السوفيتي وخضوع الجنوب للولايات المتحدة وبينهما منطقة منزوعة السلاح. وفي عام 1950 نشبت الحرب بين الشمال والجنوب حتى تم عقد هدنة بينهما عام 1953. وهكذا ظل الخلاف مستمرا بين البلدين حتى عام 2000 حين تم لقاء بين قيادات البلدين وأعقبه لقاء آخر عام 2007. لكنه يبدو أن الخلاف بين أمريكا والصين التي حلت مكان الاتحاد السوفيتي في تبني الموقف الكوري الشمالي. قد جعل الصراع بين الكوريتين مجالا ممتدا للصراع بين القوتين العظميين. ولقد تشددت القوى الغربية تجاه كوريا الشمالية حين أجرت تجربتها النووية الأولى عام 2006 وتجربتها الثانية عام 2009 فقامت بدفع مجلس الأمن لفرض عقوبات عليها. بينما تتسامح مع كوريا الجنوبية التي تمتلك عشرين مفاعلا نوويا وتقوم حاليا بإنشاء ستة مفاعلات أخرى. ويبدو التأثير السلبي المتوقع على الاقتصاد الدولي في حالة توسع العمليات العسكرية بين الكوريتين. نظرا للوزن الملموس للاقتصاد الكوري الجنوبي. بالمقارنة لدول الأزمة الحالية. حيث يمثل الاقتصاد الخامس عشر دوليا بينما اليونان بالمركز 27 والبرتغال 36 وأيرلندا 37. وبخريطة التجارة السلعية الدولية تحتل المركز العاشر بينما تحتل أيرلندا المركز 32 والبرتغال 39 واليونان 50. ويشير التوزيع النسبي للتجارة السلعية لكوريا الجنوبية بالعام الماضي إلى ارتباطها بالاقتصادات الكبرى دوليا. حيث تمثل الدول الآسيوية نسبة 55 % من تجارتها و13 % مع أوروبا و12 % مع أمريكا الشمالية ونفس النسبة مع منطقة الشرق الأوسط وأقل من 4 % مع وسط وجنوب أمريكا و2 % مع كل من دول الكومنولث الروسي وإفريقيا. وتمثل كوريا الجنوبية بالنسبة لأمريكا الشريك السادس في صادراتها ووارداتها. كما تمثل بالنسبة لليابان الشريك الرابع بصادراتها والسابع بوارداتها. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فهي الشريك الثالث عشر بصادراته والثامن بوارداته. كما تستحوذ الصين على نسبة 24 % من صادرات كوريا ونسبة 17 % من وارداتها. ويشير التوزيع النسبي للتجارة الخدمية الكورية عام 2008 لتصدر أميركا بنسبة 21 % والاتحاد الأوروبي 18 % والصين 13 % واليابان 11 %. وبالسياحة الدولية بالعام الماضي احتلت كوريا المركز الحادي عشر بقيمة الواردات السياحية الدولية. أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط ورغم انخفاض نصيبها النسبي بالتجارة الكورية السلعية. فإنها تستحوذ على 19 % من واردات كوريا. حيث تمثل الشريان الرئيسي لإمداد كوريا بالطاقة. خاصة أن نسبة الاكتفاء الذاتي بها من البترول 2% ونفس النسبة بالغاز الطبيعي وبالفحم 2.5 %. ولهذا تسبب ارتفاع أسعار الطاقة خلال عام 2008 في بلوغ قيمة وارداتها من الطاقة 143 مليار دولار بنسبة 33 % من إجمالي وارداتها. منها 96 مليار دولار قيمة الوقود المستورد من دول الشرق الأوسط. وتعتمد كوريا الجنوبية على البترول لتغطية 44 % من استهلاكها للطاقة و29 % من الفحم و14 % من الطاقة النووية و13 % من الغاز الطبيعي بينما لا يصل نصيب الطاقة الكهرومائيه إلى نصف بالمائة. وبالعام الماضي أسهمت خمس دول عربية في تغطية 66 % من واردات البترول الكورية والتي توزعت بين السعودية تليها الإمارات والكويت وقطر والعراق. وفي وارداتها من الغاز الطبيعي قدمت خمس دول عربية النصيب الأكبر وعلى رأسها قطر التي قدمت 27 % من حجم وارداتها الغازية وسلطنة عمان 18 % وكميات أقل من اليمن ومصر والجزائر. وهكذا فإن الأثر السلبي لتفاقم النزاع الكوري سيمتد للدول العربية.