18 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تواصل الدولة اللبنانية تخبطها في ملفاتها المتعثرة، فمن أزمة النفايات التي لم تجد حلاً في ظل تفاقمها مع غرق المناطق اللبنانية بالأمطار، مروراً بالشلل الحكومي وترهل الأداء النيابي، وصولاً إلى استمرار شغور سدة الرئاسة. في موازاة هذا الأفق المسدود، يواصل حزب الله وتيار المستقبل جلسات الحوار بينهما، رغم التراشق الإعلامي بينهما الذي يكاد أن يصل حد تبادل الشتائم. عشرون جلسة حوار عقدها الطرفان حتى الآن، أهم ما صدر عنها، الإصرار على مواصلة الحوار. من يقرأ البيان الذي صدر عن جلسة الحوار الأخيرة بين الطرفين يظن أنه صدر عن لقاء بين حليفين صديقين وليس بين خصمين يتبادلان الاتهامات والتخوين على المنابر وفي وسائل الإعلام. فحسب البيان «أكد المجتمعون إصرارهم على التمسك بالحوار واستكماله»، وشدّدوا «على تهيئة الأجواء لتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، حكومة ومجلساً نيابياً، لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والحياتية، وعلى تعزيز الأمن في كل المناطق اللبنانية واستكمال الإجراءات المتفق عليها في هذا الشأن». لم يعد ينقص هذا البيان إلا إعلان الطرفين توقيع مذكرة تفاهم مشتركة وإعلان تحالف إستراتيجي نظراً إلى التطابق الكبير في المواقف تجاه القضايا الإشكالية. كنا وما زلنا وسنبقى نؤيد كل دعوة للحوار والتلاقي بين مختلف القوى اللبنانية، طالما أنه يساهم في تنفيس الاحتقان في الشارع، ويبعد كأس الفتنة المذهبية عن اللبنانيين، ويساهم بإيجاد حد أدنى من التنسيق والتعاون. لكن فارقاً كبيراً بين أن يكون الحوار هو نتاج وعي وإدراك أطرافه بأهمية ما يقومون به، ودوره في نزع فتيل حرب أهلية جديدة، وبين أن يكون استجابة لمطالب خارجية لا تريد من الحوار أكثر من صورة فوتوغرافية لطاولة يجلس حولها المتحاورون. فارق كبير بين أن يكون انعقاد طاولة الحوار هو الهدف من انعقاده ولو لم يؤد إلى نتيجة، وبين أن يكون الهدف هو الوصول لنقاط مشتركة تسهم في لملمة ما بقي من الدولة ومؤسساتها. فارق بين أن يكون أطراف الحوار حريصين على التهدئة والتلاقي والتنسيق فيما بينهم، وبين أن يكونوا هم أنفسهم من يفتعلون الاحتقان والتوتر بين اللبنانيين بمواقفهم وتصريحاتهم. وهنا يحق لنا أن نتساءل، كيف نصدق أن المتحاورين اتفقوا على «تهيئة الأجواء لتفعيل عمل المؤسسات الدستورية حكومة ومجلساً نيابياً لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والحياتية»، في الوقت الذي يقفون وراء تعطيل عمل المؤسسات الدستورية؟. كيف نصدق أنهم يحاولون التوصل لانتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الذي يساهم الطرفان في تعطيل هذا الانتخاب، سواء لناحية تعطيل نصاب مجلس النواب، أو لناحية إصرار كل طرف على مرشحه ورفض مرشح الطرف الآخر؟. كيف للبنانيين أن يصدقوا أن حزب الله وتيار المستقبل حريصان على «تعزيز الأمن في كل المناطق اللبنانية واستكمال الإجراءات المتفق عليها» في الوقت الذي تابع اللبنانيون خلال إحياء مراسم عاشوراء في ضاحية بيروت الجنوبية عروضاً ميليشياوية مسلحة وأمناً ذاتياً في غياب تام للقوى الأمنية؟. كيف لنا أن نصدق بأن وزير الداخلية الذي ينتمي لتيار المستقبل حريص على تعزيز الأمن حين يطلب من حزب الله المساعدة في تطبيق خطته الأمنية في البقاع؟. كيف نصدق أن المتحاورين حريصون على الأمن والاستقرار حين يجيّش أمين عام حزب الله مناصريه، فيهتف الآلاف منهم بشعارات معادية للمملكة العربية السعودية؟. كيف نصدقهم حين يفاخرون في خطبهم العاشورائية أنهم حزب «ولاية الفقيه» وحزب إيران في لبنان، ثم بعد كل ذلك يريدون إقناعنا بأنهم حريصون على الحوار؟. يؤمن اللبنانيون بأن الحوار أمر إيجابي ويجب الحرص عليه طالما أنه يشكل تنفيسة للاحتقان وحالة التوتر التي تسود الشارع. لكن هذا الإيمان يتزعزع ويتحول إلى كفر حين يصبح الحوار قميص عثمان يتلطى خلفه أطرافه لإخفاء عوراتهم ويتخذونه ذريعة لتصعيد مواقفهم وتخوين الآخرين. إذا استمر الحوار على هذه الشاكلة من النفاق والتدليس والدجل، فلا قيمة له ولا معنى، ولا حاجة للبنانيين به.