16 سبتمبر 2025

تسجيل

تركيا بين الرقة والموصل!

01 أكتوبر 2016

هل عادت من جديد الخلافات على الأولويات بين تركيا والولايات المتحدة؟ هذا التساؤل طرح بقوة بعدما أعلنت واشنطن أن تركيا ليست جزءا من قوات التحالف الدولي البرية والجوية التي تستعد للمشاركة في معركة تحرير الموصل ربما في وقت قريب.الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان قد أعلن أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد اقترح عليه المشاركة في معركة تحرير الرقة. وقد أبدى أردوغان لاحقا استعداده للمشاركة. وأضاف إلى ذلك الاستعداد للمشاركة في معركة تحرير الموصل.الرغبة التركية في المشاركة في المعركتين كانت سببا لتحليلات كثيرة.فمعركة الرقة مثلا ستكون مهمة وفاصلة في الحرب على تنظيم "داعش". ونتيجتها ستؤثر على مسار الحرب في سوريا والعلاقة بين الجبهتين البريتين الحدوديتين بين سوريا والعراق. وفي حال سقوط الموصل والرقة معا فهذا سيعني عمليا، وليس نهائيا، نهاية "داعش" في سوريا والعراق.الاستعداد التركي للمشاركة في المعركتين يعكس رغبة تركية أكيدة في توسيع حضورها الميداني والسياسي في الساحتين السورية والعراقية. فتركيا رفعت منذ بداية الأزمة في سوريا مسألة إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا ومنطقة حظر جوي فوقها. ولم يتحقق لها ذلك. لكن منذ 24 آب/أغسطس الماضي ودخول قوات تركية مدينة جرابلس ثم سيطرتها على الشريط الحدودي الممتد من جرابلس إلى حدود منطقة عفرين الكردية أقامت تركيا بحكم الأمر الواقع منطقة أمنية تشرف هي عليها. وهي ليست تلك المنطقة الأمنية التي كانت تطالب بها والتي يتوجب أن تتشارك فيها قوى متعددة أو بناء على قرار مشترك لعدة دول. كما ليس هناك منطقة حظر جوي بعد. ولكن الخطوة التركية في دخول سوريا غيّرت من المعادلات حيث باتت تركيا للمرة الأولى طرفا مباشرا في المعادلة السورية الداخلية أسوة بالولايات المتحدة وروسيا وإيران. وهذا بالنسبة لتركيا أفضل مما لو كانت لا تزال داخل حدودها.غير أن الخطط التركية لن تقف هنا إذ إن مسؤوليها وإعلامها يتحدثون دائما عن مدينة الباب كهدف مقبل للقوات التركية. وفي حال فعلت ذلك ونجحت فيه فسوف تكون أمام معادلة ميدانية جديدة. ستكون القوات التركية وجها لوجه مع القوات النظامية السورية للمرة الأولى منذ بدء الحرب في سوريا. وهذه ستكون لها حسابات مختلفة لا يمكن لأحد أن يتنبأ بخواتيمها.في الوقت نفسه فإن أنقرة تتحدث دائما عن مدينة منبج التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية، وعمادها قوات الحماية الكردية، من "داعش" سابقا وبدعم مباشر من الطائرات والخبراء الأمريكيين. ورغم أن جانبا كبيرا من المقاتلين الأكراد قد انسحب من المدينة غير أن بقاء بعضهم لا يزال يشكل لأنقرة قلقا وتريد أن ينسحبوا كلهم إلى شرق الفرات.وهذا فتح سجالا جديدا بين أنقرة وواشنطن. أردوغان نفسه اشتكى للإدارة الأمريكية أثناء وجوده في نيويورك من استمرار الدعم العسكري الأمريكي لقوات الحماية الكردية ولاسيَّما في عين العرب/كوباني. كما أن أردوغان يقول إنه مستعد للمشاركة في معركة الرقة بشرط عدم مشاركة الأكراد فيها.ليس هناك من جواب أمريكي بعد على هذا الشرط التركي. لكن التطورات المتصلة بمعركة الموصل قد توضح بعضا من جوانبها. فرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن أن تركيا لن تكون جزءا من معركة الموصل بل اتهمها بأنها تعرقل تحرير المدينة وعلى قوات تركيا الموجودة في منطقة بعشيقة الانسحاب من هناك لأنها متمركزة من دون إذن الحكومة العراقية.في هذا الوقت جاء التصريح الأمريكي بأن تركيا ليست جزءا من التحالف الدولي في العراق لتحرير الموصل ليزيد من غموض التحالفات المتعلقة بالعراق وبسوريا أيضا.استبعاد تركيا عن معركة الموصل لن يكون سهلا على أنقرة التي تريد أن تكون لها كلمة في الساحة العراقية من خلال التطورات الميدانية. لكن هل تكون المعادلة الأمريكية، التي على ما يبدو لها الكلمة الفصل، هي: نعم لتركيا في الرقة ولا لها في الموصل؟ وحينها ما الذي سيكون عليه موقف تركيا؟