13 سبتمبر 2025

تسجيل

كن صديقاً جيداً

01 أكتوبر 2012

نحن في أيام تتلاشى فيها الأشياء المجانية وتكثر فيها الأشياء التي تخضع للمساومة مما يجعل الناس يشعرون بالخوف، وبالتالي يدفعهم في اتجاه التماس علاقات ذات طابع إنساني وخيري، وهم يجدون في ذلك علاقات الإخوة والصداقة الصادقة، الحياة اليوم أشبه بصحراء ملتهبة والصديق المخلص فيها هو النسمة العليلة. قال صاحبي: ما سمات الصديق الجيد، وكيف يكون المرء صديقا جيدا، ولماذا الشكوى الدائمة عبر التاريخ من قلة الأصدقاء؟ قلت: هذا ما سأوضحه للشباب عبر الأسطر التالية: * إن أول خطوة في اختيار الصديق أن يكون صالحا، يقتبس من أخلاقه ويؤوى إليه عند الشدائد. انظروا إلى الصديق على أنه مصدر للأنس والهداية والثواب من الله تعالى، وأي شيء أعظم من قوله تعالى يوم القيامة كما في الحديث القدسي: "أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي" متفق عليه. ولنا في سيدنا أبي بكر الصديق أسوة حسنة؛ فحين كانا في الغار معاً وأثناء نوم الرسول أطلت حية من جحرها فسدّ أبوبكر بقدمه غير آبه بالموت ليفدي الرسول صاحب الدعوة بنفسه. * إن الأصدقاء من الدرجة الممتازة دائما قليلون، ولهذا يروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إذا أصاب أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك". * اشعروا أصدقاءكم بأنهم يستطيعون الاعتماد عليكم في كل الشدائد والأزمات، وأن يطلبوا منكم المعونة دون أي حرج، واشعروهم بأن ما يسرون به إليكم يظل سرا مصونا حتى لو ساءت العلاقات بينكم. ورحم الله الشاعر الذي قال: جزى الله الشدائد كل خيرٍ عرفت بها عدوّي من صديقي صديقي من يقاسمني همومي ويرمي بالعداوة من رماني * غضوا الطرف عن هفوات الأصدقاء، وأقلوا من اللوم وما أجمل قول أحد الشعراء في هذا المعنى: من لي بإنسان أغضبته وجهلت كان الحلم رد جوابه * من حق الصديق علينا أن ننصحه سرا، وأن نثني عليه أمام الآخرين، وأن نقبل عذره. * كونوا أصدقاء جيدين ولا تطلبوا من أصدقائكم كذلك، فانتظار المكافأة إخلال بمعنى الصداقة. * الصداقة أشبه بنبتة عزيزة تحتاج على سقاية وحماية وإلا فقدناها. * أخيراً أقول لكم أيها الشباب، إن هذه ليست أعباء ولا تكاليف ثقيلة، وأنتم ستأخذون ممن صادقتموهم مثل ما تعطونهم، وستنعمون بلغاتهم الجميلة مثلما ينعمون بلغاتكم. والله الموفق...