17 سبتمبر 2025

تسجيل

تويتر وتّرهم

01 أكتوبر 2012

في كلّ الأوقات والأحوال من يوم أن يخرج من بيته وإلى أن يعود ويخلد إلى النوم في سريره وهو معه في حركة وتفاعل مع " تويتر " إلى أن يأخذه النوم، ولو كان باستطاعته لأدخله معه في نومه لفعل، وهذا ينطبق على الرجال والنساء بجميع الفئات العمرية. معه في السيارة وأثناء القيادة، وما أدراك ما الحوادث المرورية في استخدام هذه الأجهزة (حفظ الله الجميع ).. وعند الوقوف والانتظار أمام إشارات المرور.. وفي المجالس.. وأمام الناس.. وعند تناول وجبات الأكل.. وفي المطاعم.. وعند الاجتماعات العائلية الأسرية واللقاءات الشبابية.. وفي دورات المياه.. وفي المناسبات الأعراس.. وفي الأحزان العزاء.. وفي المستشفيات عند زيارة المريض.. وفي الرحلات.. وفي الشارع.. وأثناء المشي.. وأثناء الذهاب إلى المسجد.. وفي داخل المسجد.. وبعد الانتهاء من الصلاة مباشرة.. وبعد الخروج من المسجد.. وأثناء الدروس في المسجد.. وفي المحاضرات والندوات.. وفي اعتكاف العشر الأواخر.. وفي الحرم، أشغلهم... وفي مكاتب العمل.. وفي الاجتماعات.. وعند استخدام المصاعد وبداخلها.. وفي الأسواق.. والتجوال في المجمّعات التجارية الكبرى والصغرى.. وفي المطارات.. وعند صعود الطائرة.. وعند الوصول والنزول من الطائرة... يا له من تواصل ليلاً ونهاراً، صباحاً ومساءً. وهكذا سلسلة متواصلة مع التواصل الاجتماعي الإلكتروني، وتّرهم وأقلقهم وأشغلهم وأتعبهم وجعلهم في دائرة الإدمان والإفراط، متابعات لا حدّ لها ولا انقطاع، ومع ذلك فعدم استخدام هذه التقنية في وقتنا الراهن وفي هذا العصر يُعتبر جهلاً وقصوراً إذا صحّت العبارة. ولا يظن أحد أننا ضد هذا التواصل الاجتماعي الجميل والرائع، وله من الفوائد والمميّزات والحسنات الكثيرة، وأنها قدمت للإنسانية خدمة ما بعدها خدمة في شتى المجالات والمعارف تبلغ الآفاق، ولكن أن يتعامل معها البعض بهذا الأسلوب وعلى هذا الشكل والمنحى، وقد يكون في وجود كبار السن، يطلق عليها بـ (المجالس واللقاءات الصامتة) الكلّ مشغول مع جهازه بتواصله مع الغير لحظة بلحظة ولا يريد أن يقطعها، فقد ارتبط المستخدمون به ارتباطاً والتصاقاً وثيقاً أي مع (تويتر) أو (الفيسبوك) أو (الوتس أب) وأرغمهم على استخدامه انطواء وانكفاء، وأصبح وعذراً لك أبو الطيب المتنبي الشاعر " وخير جليس في الزمان تويتر والفيسبوك "، هذا ما يُحاكيه الواقع والمشاهد بدون مبالغة ولا تأليف. فتجد مجموعة من الحاضرين مجتمعين في مكان واحد ومجلس واحد، إلاّ أن كلاً منهم مشغول وفي عالمه الخاص مع جهازه المحمول، أو مع حاسوبه مع (ربعه) الافتراضيين بعيداً عن بقية (ربعه) الحقيقيين الموجودين معه وفي حضرته. ومع الأسف هناك حرص من البعض على زيادة وكثرة المتابعين له في " تويتر " والمفاخرة بذلك والتباهي ويصل الأمر إلى أن البعض يشتري أعداداً من المتابعين رغم أن كثيراً من هذه الحسابات وهمية، ويحزن لنقصهم لمتابعته. وإذا سألت أحدهم هل قرأت القرآن الكريم اليوم ولو صفحات منه؟ لردّ عليك أنا مشغول ومتعب. وإذا قيل لأحدهم هل أنجزت شيئاً لوالديك أو لمجتمعك؟ لقال لك ما عندي وقت ومزحوم جدّاً. وإذا قيل لأحدهم كذلك هل قرأت صفحات من كتاب ولو إلكترونياً؟ لقال لك لا أحب القراءة. ولكنه مع هاتفه وتواصله بالدقائق والساعات الطوال مشغول ومفتون ومهموم ومأسور. قال الحسن رحمه الله تعالى " من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه ". ضع لنفسك أوقاتاً للتواصل الاجتماعي، وألا يسيطر عليك ويستهلك من وقتك وصحتك الكثير، فالأمر بيديك. ومن جميل القول أن هناك أسراً وعائلات في لقاءاتها الاجتماعية والأسرية وضعت شرطاً وضابطاً في أنه إذا دخل أحد أفراد الأسرة وضع هاتفه في سلة أو صندوق مخصّص لهذا الأمر ولا يأخذه إلاّ إذا انتهى اللقاء الأسري، ليتم الهدف من اللقاء الأسري ويحصل الترابط العملي الاجتماعي، إنها بالفعل فكرة إيجابية عملية، والأفكار الإيجابية كثيرة أخرجها وحركها وحثّ نفسك وغيرك عليها. ومضة وقد قيل " إن "تويتر والفيسبوك والوتس أب" مثل السفر يُسفر عن وجوه ومعدن الرجال ".