12 أكتوبر 2025

تسجيل

التحولات في ثقافة المنطقة ودور قطر في الإعمار

01 سبتمبر 2019

مكانة مميزة للدوحة في الحراك الاقتصادي القادم تحدثنا في مقالات سابقة عن أهمية تلاشي النفوذ الخارجي على المنطقة، ودلفنا لتفاصيل الأحداث في الفترة الزمنية من ٢٠٠٣ والحرب على العراق إلى ٢٠١٩ وإسقاط الطائرة المسيرة في الخليج، وتراجع النفوذ الأجنبي لعدم إمكانية حشد الحلفاء كما كان في الماضي، ونسبنا المردود في مشاريع التنمية للداخل وعليه تفاءلنا الحذر بإمكانية دخول المنطقة مرحلة إعمار وتنمية ستجعل من الشرق الأوسط وأفريقيا منطقة نمو في المستقبل، هذا يكتسب أهمية للعالم حيث يأتي في فترة يتراجع فيها النمو الاقتصادي العالمي، خاصة في الصين ويتزامن مع ذلك التباطؤ في الاقتصاد الأمريكي واستمرار التباطؤ في الاقتصاد الأوروبي، وقدرة المنطقة على إدارة مشاريع التنمية يؤمن أوروبا من حيث مخاوفها من موجات الهجرة من هذه المناطق، إذا وهذا الضلع الآخر من الرؤية بالنسبة للمنطقة لابد للغرب من دعم ثقافة الربيع العربي وخاصة في ثوبه المعدل كما رأينا في السودان، فالربيع العربي الثاني هو النسخة المعدلة للربيع العربي في نسخته الأولى ولا نستبعد أن تكون هناك نسخة ثالثة تعيد تشكيل المنطقة وتهيئ لعصر جديد، النسخة السودانية هي نتاج تجربة إنسانية عربية بامتياز. فالمواطن العربي اختبر الأيديولوجيا ومن الملكيات والأسر الحاكمة إلى الثورات الأولى ومن الاشتراكية والشيوعي إلى ثورات الأوطان مثل الجزائر إلى ثورات الجيوش مثل العراق وسوريا ومصر وغيرها من الدول العربية، فوثقت الشعوب بتلك القيادات وأصبحت النخب الثورية ونخب الجيوش مكان الثقة ثم خرج علينا القوميون والإسلاميون ودخلت الأمة في مخاض أليم على مدى عقود، خرجت منه الأمة بمسلمات بعد تجربة الجيوش والإسلاميين و ما جرته على الأوطان تلك التجربة ولم تكتب بعد نهايات تلك التجربة كما واضح من مطالبات الشعوب العربية بكرامتها وحريتها واستقلاليتها بشكل يمكنها من العمل والإنتاج وإدارة الشأن التنموي بدون هيمنة أجهزة الأمن والشرطة على مقدرات الشعوب، الشعب العربي اليوم يقيم على الإمكانات والقدرات والأمانة بعيدا عن الشعارات القومية أو الإسلامية أو الأيديولوجيات الماضية التي أثبتت عدم جدواها، إذاً التنمية ثقافة، ثقافة دولة القانون ومحاربة الفساد دولة المؤسسات والبعد عن شخصنة الدولة أو التفرد من قبل أفراد بالقرارات المصيرية أو التنموية للدولة، الاقتصاد ثقافة الاستثمار ثقافة، والسؤال هل المنطقة مقبلة على ثقافة داعمة للتنمية، إذا كانت الإجابة بنعم فإن التفاؤل بمستقبل المنطقة شيء منطقي، وعليه يجب إعداد مؤسساتنا وأجهزتنا لهذا المستقبل ووضع الإستراتيجيات والخطط لمواكبة مثل هذا التغير، ما يدعم هذا التفاؤل هو القدرات والإمكانات التي استطاعت دول الخليج مراكمتها خلال العقود الماضية من خبرات وعلاقات عالمية مع الدول وكبرى الشركات، بالإضافة للاستثمارات في أهم الاقتصادات والمؤسسات العالمية، ولذلك فمن السهل إذا تواجدت النية والإرادة لتحقيق تنمية على أعلى المستويات العالمية وتحقيق إيرادات وأرباح قياسية وعلى مدى عقود، هناك بعض المؤشرات على بداية مثل هذا التوجه مثل الاستثمار في الموانئ مثل هوبيو في الصومال وسواكن في السودان وجوادر في باكستان ورأينا أيضاً المبادرات التي تقودها قطر للبترول في سواحل أفريقيا ومع كبريات الشركات العالمية، لقد أشرنا في الماضي إلى أن المنافس في الفترة القادمة ومرحلة إعادة الإعمار سيكون الصين، ولكن قطر مهيأة بشكل كبير للمساهمة في مشاريع الإعمار ما يعطيها مكانة متفردة في الحراك الاقتصادي القادم.