17 سبتمبر 2025

تسجيل

هموم المتلقي

01 سبتمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يظن البعض أن المبدعين فقط هم من يعانون الهموم، وأنهم يعيشون مواقف يقومون بترجمتها في أعمالٍ إبداعية، وكأن هذه الهموم حصرية لهم، فيكون ترجمتها إبداعياً منهم ولهم فقط. واللافت أن المتلقي الذي هو محور العمل الأدبي، فإنه هو درجة القياس التي يمكن الحكم من خلالها على مدى جودة المنتج الإبداعي من عدمه، ما يجعله من الأهمية بمكان في أي عملٍ إبداعي، فلو لم يكن المتلقي ما كان المبدع، ولو لم يكن للمتلقي همومه، ما كان العمل الإبداعي قائماً، وبل لغابت الفكرة ذاتها عن المبدع. ولسنا هنا بصدد الحديث عن أهمية المتلقي من عدمه، ولكن يسوقنا الحديث في هذا السياق إلى ما يعانيه المتلقي من هموم وتحديات ينبغي أن تكون في بؤرة اهتمام المبدع، وهي ليست إشكالية يمكن أن يقف أمامها المبدع حائراً، بأن يجعل نفسه في معزلٍ عنها، أو أن يجعل الهموم تقف عنده ولا تراوحه، بل هو واقع ينبغي أن يترجمه المبدع، حتى لا يكون خطابه معبراً عن نفسه وما يعانيه، فيكون إنتاجه مخاطباً نفسه. وهنا، إذ لم يجعل المبدع المتلقي وما يواجهه من تحديات في بؤرة اهتماماته، متناولاً لواقعه المعاش، فإن المبدع حينها سيكون أشبه بالذي أفلست أفكاره، وتضاءلت مصطلحاته، وربما يصبح هكذا بالفعل. وكثيرة هي الهموم التي تواجه المتلقي، سواء في واقعه المعاش، أو تجاربه الحياتية، ما يجعلها مادةً إبداعية خصبة للمبدع ليدلو بدلوه حولها، فيترجمها في قصائد شعرية، أو مجموعات قصصية، أو نصوصاُ روائية. حينها يشعر المتلقي وكأن المبدع يعايش واقعه وتجاربه. غير أن ما ينبغي التوقف عنده القول بأن المبدع من الضروري أن يلامس واقعه، ويعيش همومه، ويترجم ما يحياه المتلقون في أعمالٍ إبداعية، تتجاوز الذاتية، وتتجنب المجاملات، وتلتزم الرصانة والعمق والجدية. فالمبدع النابه هو الذي ينظر على امتداد بصره ليكسب مبدعين كثر، ولا ينظر تحت قدميه، قد يكسب مبدعاَ، ولكن حتماً سيفقده في بقية الطريق.