15 سبتمبر 2025

تسجيل

رسالة إلى معاق

01 سبتمبر 2012

مثل نقطة ضوء أنت تركض وسط اليأس قدرتك على التوازن لا تصدق وأنا أحتار حين أراك أأنت تمشي أم تطير؟. أحبك هكذا تتجه نحو الضوء بدلا من اليأس ونحو الطيران بدلا من الاسترخاء في مقعد الاستسلام للمصير الكئيب. أراك مقطوع اليد تستعين باليد الأخرى، أراك مبتور الساق تمشي بساقك الاصطناعية بأفضل مما نمشي به نحن بساقنا الصحيحة أراك مشلولاً تصارع قدرك بالقليل مما تبقى لك من طاقتك الجسدية وبطاقتك الإنسانية النفسية اللامتناهية والتي يستطيع كل واحد منا أن ينهل منها إذا اكتشف مناهلها، أحببتك لأن ما تقوم به أنت نعجز عنه معظمنا نحن الأصحاء أحببتك لأنك جعلتنا نشعر بالحاجة إلى إعادة النظر في مدلول كلمة معاق لأنني كلما رأيت إصرارك وثباتك ونضالك ضد عاهتك وجدت في نفسي حاجة للاعتراف بعاهاتنا السرية التي جعلت منا معاقين حقيقيين. فالمعاق يا عزيزي يولد في أي مكان لكني لا أكتب لك هنا عن المعاق الذي فقد عضوا فأعطي ومنح ببقية الأعضاء أجمل عطاء، لكني أحدثك أيها الحبيب عن الإعاقة النفسية التي تصيب أغلبنا فبعضنا تكاسل عن أن يمنح نفسه، ووطنه شيئاً رغم أنه ينعم بكامل قواه العقلية والجسدية. البعض يا عزيزي افترسه الشلل في شبابه، شلل نفسي جعل شبابه مسخرا للغربة عن مجتمعه، وشلل اللامبالاة قد سرى في نفسه فصارت خطواته دونما جدوى تمضي به نحو اللاهدف واللهو يقضي لياليه عبثاً ويغط النهار في نوم عميق. والبعض افترسه شلل الغرور فتوهم أنه فوق مستوى الآخرين فترفع عن همومهم وغسل يديه من أوجاعهم وغادر رقعة أحداثهم إلى عزلته المتعالية في قصر ثلجي بارد الجدران موصد الأبواب والنوافذ.. والبعض أصيب بالتخلف العقلي الإرادي حيث يتحاشى كل ما يمكن أن يثقفه ويضيء عالمه ويغذي عقله ويتجنب كل ما قد يؤدي به إلى تفتح بصيرته فيظل أعمى القلب وأعمى البصيرة، يرى ولا يرى، له عينان وليس له قلب ولا وجدان يرى الألوان ولا يعرف معناها ولا يشعر بها. إنها يا عزيزي عاهات نفسية تحول الإنسان إلى معاق حقيقي غير قابل للأخذ والعطاء، وكل ما يقدر على منحه للآخرين هو العدوى السامة. من الشعور بالغرور، والنقص، والثرثرة الفارغة والبحث عن عيوب الآخرين. الفرق بين هؤلاء وبينك هو أنهم سقطوا في قاع الظلمة دون أن يشعروا وأنت تعود لتطفو فوق الموج الأسود نقطة من الضوء الرائع تخترق الأعماق الفرق أنك تجد مؤسسات تبذل جهدها. لإعادة تأهيل المعاقين، ولا نجد نحن من يفكر بإعادة تأهيل نفسياتنا، نحن فئة المعاق الحقيقي الذي اعتصره اليأس والإحباط، نحن الذين نكاد نكف عن الرغبة في الحركة والعطاء، هل عرفت الآن أيها الحبيب؟ أن الإعاقة هي إعاقة النفس؟ الإعاقة موت الإحساس وأنت تملك كل إحساس العالم الإعاقة موت القلب وقلبك فضاء شاسع يتراقص فيه الأمل والحب. رسالة قصيرة ابتسم ففي ابتسامتك فرحة الدنيا ارفع رأسك وانظر للسماء ففي عينيك كل أنوار الأمل مد يديك إلينا وعلمنا من أين تنبع الإرادة وكيف يولد الإحساس بالحياة وبنعم الحياة علمنا السر أيها الحبيب الرائع..