20 سبتمبر 2025
تسجيلازدواجية المعايير، ليست بالأمر بالغريب من قبل الغرب، الذي لا ينكر هو بنفسه أنه بنى حضارته على أسس مادية بحتة، ويبحث عن مصلحته ويدافع عنها بكل ما لديه من قوة وعتاد، وإن اقتضى التخلي عن كل ما يتشدق به ويتغنى أمام العالم، من مبادئ وقيم وغيرها. الغرب يتحرك بمنطق القوي في العالم، وخلاصته: التحرك وفق مقتضيات محددة عنده، لا يهمه حين التحرك، أنها تتوافق مع غيره، حتى وإن كان هذا الغرب يعمل ضمن منظومة عالمية المسمى بالأمم المتحدة.. الواقع العملي عند الغرب يختلف تمامًا عن النظري والافتراضي.. الغرب يتحرك بناء على مصلحته وليس مصلحة آخرين. قوته اليوم تسمح له باتخاذ القرار المناسب له، بل وتنفيذه باقتدار أيضًا، وهي حقائق لابد أن نستوعبها في العالم العربي. الحضارة الغربية هي تقود العالم اليوم منذ عدة قرون، والله أعلم كم ستستمر هذه القيادة الغربية للعالم. وغالبًا بحسب حركة التاريخ، من يقود العالم يكون قد توافرت له أسباب القيادة إلى أن يفقدها جميعًا، سببًا سببًا لتؤول القيادة إلى حضارة أخرى، فهكذا السُّنة الإلهية في الأرض "وتلك الأيام نداولها بين الناس". من هنا أجد أنه ليس من الحكمة دوام انتقاد ازدواجية المعايير لدى الغرب وغيره، فالحضارة هذه مادية بحتة وقامت على هذا الأساس منذ البداية، ومعرفتنا لتاريخ الغرب تساعد كثيرًا في فهم هذه الحضارة وكيف تسير.. وبدلًا من ديمومة الانتقاد لهذا الغرب، كنوع من تبرير التقصير الموجود عندنا كأمة، تعاني من هذا الغرب، علينا دراسة منطق التاريخ وحركة بناء الحضارات وكيف تزول. الشكوى والتذمر من ظلم الآخرين لنا ليست مجدية، فنحن في زمن لا مجال للضعيف أن ينطق أو أن يكون صاحب رأي. لكن بناء القوة بجميع أشكالها، وفق خطة إستراتيجية بعيدة المدى، هو العمل الصحيح لتجاوز مرحلة الشكوى والتذمر، وصولًا إلى أن يكون لصوتك ذبذبة تصل إلى جميع الآذان والقلوب قبلها. يحترمك القوي قبل الضعيف. ولك أن تتأمل آية {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}. لتعرف لم الله يدعونا إلى إعداد القوة.. وحين نفهم الآية ونستوعبها تمام الاستيعاب، سنكون بدأنا الخطوة الأولى الصحيحة نحو إعادة مجد وتاريخ، لا أقول ضاع، بل تعثر وتبعثر، ولكن لملمته غير عسيرة بإذن الله.