13 سبتمبر 2025

تسجيل

الجار قبل الدار

01 أغسطس 2013

الله سبحانه ذكر الإحسان إلى الجار بعد ذكر عبادته وحده لاشريك له، وبعد ذكر حقوق الوالدين وذي القربى واليتامى والمساكين، ممّا يدل على عظم هذه الحقوق وتأكيدها، قال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً)قال ابن عباس رضي الله عنه: وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى، يعني الذي بينك وبينه قرابة. الْجَارِ الْجُنُبِ، الذي ليس بينك وبينه قرابة.والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالجار، وبين أنّ ذلك إنّما هو بأمر الله عز وجل فقال صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنّه سيورثه) أي: حتى ظننت أنّه سيجعل له نصيباً من الميراث ويدخله في جملة الورثة.وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن إلى جاره).حد الجوار:يطلق وصف الجار على من تلاصق داره دارك، وعلى غير الملاصق إلى أربعين داراً، وقد سئل الحسن البصري عن الجار فقال: أربعين دارا أمامه وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره.وروي عن علي رضي الله عنه أنّ من سمع النداء فهو جار.وقيل: إنّ من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار.من حقوق الجار:للجار حقوق منها1 — أن يسمح الرجل لجاره بغرز خشبه في جداره، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره). ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟! والله لأرمين بها بين أكتافكم.2 — أن يتعاهد جيرانه ويطعمهم من طعامه إن رأوه أو شموا رائحته، ويطفئ جوعهم إن علم بذلك وقدر عليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك).وروت عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: (ليس المؤمن بالذي يشبع؛ وجاره جائع إلى جنبه).3 — أن يقدم الجار الأقرب في الهدية مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لما سألته: يا رسول الله إنّ لي جارين، فإلى أيّهما أهدي؟ قال: (إلى أقربهما منك باباً).والحكمة في ذلك أنّ الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها فيتشوق لها، بخلاف الأبعد، كما أنّ الأقرب أسرع إجابة لما يقع لجاره من المهمات ولاسيَّما في أوقات الغفلة.كما أنّه على المهدى له ألا يستقله ويحتقره وإن كان قليلاً ولأجل كل ذلك قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: (يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة).والفرسن: عظم قليل اللحم، وهو خف البعير كالحافر للدابة.4 — أن يعينه إذا استعان به. 5 — أن يقرضه إذا استقرضه. 6 — أن يعوده إذا مرض. 7 — أن يهنئه إذا أصابه خير. 8 — أن يعزيه إذا أصابته مصيبة. 9 — أن يتبع جنازته إذا مات. 10 — ألا يستطيل عليه بالبنيان فيحجب عنه الريح إلّا بإذنه.قال الغزالي: اعلم أنّه ليس حق الجوار كف الأذى فقط بل احتمال الأذى، ولا يكفي احتمال الأذى بل لابد من الرفق وإسداء الخير والمعروف.