25 أكتوبر 2025
تسجيلهذا شاعر ارتمى حباً في أحضان المقتول في دير العاقول، كثيرون حقاً كان هذا القتيل المسيطر بعد اكثر من الف عام على حياتهم الابداعية. وكما تروي، كان المعري يراه سيد البيان، وفي عصرنا كان المحور الأهم في حميمية اللقاء بين غازي القصيبي الشاعر والوزير والدبلوماسي والروائي الطيب صالح وغيره لا يحلو السمر الا باستحضار سيرته، انه أحمد حسين عبدالصمد الجعفي. حقاً لم يذهب بعيداً عندما قال: وما الدهر الا من رواة قصائدي إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا فسار به من لا يسير مشمرّاً وغنى به من لا يغني مغردا ودع كل صوت غير صوتي فإنني انا الطائر المحكى والآخر الصدى.. لم يكذب ابو الطيب المتنبي، من هنا وقع الشاعر الشاب محمد علي المرزوقي في حبائل هذا الشاعر الذي لم ولن يجاريه أحد، وكيف يجاري المتنبي شاعر في الكون، انه التفرد. منذ سنوات طرح ابو علي محمد المرزوقي حلماً كان يراوده، قال: اتمنى ان ازور قبر هذا الشاعر، اذاً تغلغل الجعفي في مسام المرزوقي، كما تغلغل في مسامات كل الشعراء، وتفرد بما يقول مدحاً وذماً. وعبر ابو الطيب عن هذا بالقول: أمط عنك تشبيهي بما وكأنه فما أحد فوقي ولا أحد مثلي هذا هو الجنون؟ جائز.. هل هذا الفخر؟ جائز؟ هل هذا تحد لمن ارتمى في حضن سحر البيان.. أيضاً جائز.. والأهم ان يغلف الغموض سيرته.. من هو ؟ هل حقاً ابن سقاء ؟ اذاً كيف التحق بمدارس علية القوم ؟ وما سرّ جدته.. ما علينا.. ولكن لماذا محمد علي المرزوقي ارتمى في احضانه ؟ هل لأن ابا الطيب وضع الشعر في اسر بيانه ؟ جائز.. هل صوت الاسفار والحكمة والريح والهجاء والمديح لم تتوزع الا عبر مفرداته.. جائز! هل لأن الشعراء منذ عصره حتى الآن قد وقفوا وقد احنوا رؤوسهم امام قامته؟ جائز! ومع ذكائه فقد خانته فطنته. ذلك انه كان يطلب المستحيل، كيف؟ كان يطلب الملك. نعم بدلاً من ان يقف امام ابواب الامراء والسلاطين منشداً اراد ان يتساوى.. وكان هذا في تصوري سقطة البطل التراجيدي. حتى لو كان ذلك الامير عبداً اسمه – كافور الاخشيدي – يكفي المتنبي انه كان أميراً في البيان، وهذا ما خلده، ذلك اننا لا نعرف اسماء الامراء في دولة زمنه، من كان يحكم دمشق، حمص، حلب، الكوفة، الموصل، ديار بكر، البحرين وعشرات الدويلات. ولكن دولته باقية وتظل باقية عبر كل الازمان. لماذا ؟ لأنها دولة ابي الطيب.. فها هو الآن يعيش مع هاجس محمد المرزوقي ليل نهار، كان حلمه ان يكون من يمنح العطايا ولكن للزمن حكمه وللملوك فلسفتهم حتى وإن صرخ. صحبت ملوك الارض مغتبطاً بهم وفارقتهم ملآن من حنق صدرا سيظل مالئ الدنيا وشاغل الناس. وعبر اكثر من الف عام سوف يقتحم الساحة عشاق جدد يضعون بجانب فراشهم دواوين ابي الطيب المتنبي.. وللحديث بقية. [email protected]