17 سبتمبر 2025
تسجيلكيان جديد من 24 دولة بأهداف وسكرتارية مستقلة تحت مسمى "اوبك +" الأسواق تغيرت ولم يعد باستطاعة المملكة لعب دور المنتج المرجح السعودية بدلت مهمة النفط من عامل استقرار في المنطقة لقمع ثورات الربيع العربي الحرب التجارية بين أمريكا والاتحاد الأوروبي والصين سينعكس تأثيرها على الأسعار الاتفاق بين أوبك وحلفائها على خفض الإنتاج يعكس الموازنة بين ضغوطات المستهلكين ورغبات المنتجين هناك عاملان رئيسيان هما المحددان للمجال الذي ستتراوح فيه أسعار النفط في المستقبل المنظور، وهما أن سقف الأسعار سيكون هو سعر النفط الصخري وأرضيتها سعر نفط أوبك، كما ذكرت ذلك في دراسة نشرت لي في عام 2015 (بواسطة المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات)، وأن الاسعار ستصبح في حدود من 70 — 80 دولارا للبرميل على المدى المتوسط إلى عام 2019، وهذا ما نشهده الآن بشكل عام. ويبدو أن دول أوبك وحلفاءها المنتجين الآخرين بمن فيهم روسيا حذرون من تكرار تجربة النفط الصخري، وارتفاع الأسعار ويفضلون بقاءها في حدود معينة خشية تحفيز الاستثمارات وزيادة الإنتاج مرة أخرى. وبالرغم من هذه المحاذير، إلا أنه كان هناك عامل رئيسي آخر مغفول عنه وراء تحفيز الاستثمارات في إنتاج النفط غير التقليدي وهو السياسة النقدية غير التقليدية والتوسعية جداً التي اتبعها الاحتياطي الفيدرالي (المركزي) الأمريكي منذ عام 2008، من خلال أسعار فائدة قرب صفرية وسياسة التيسير الكمي وسهولة الحصول على تمويل، لدرجة أن أحد الخبراء أطلق عليها تعبير "الوقود السري" لثورة الإنتاج الصخري. ولكن زيادة الإنتاج بمليون برميل يومياً التي أقرت في اجتماع أوبك الأخير، هي أسمية وبنسبة قدرها %1، وكما ذكر بعض المنتجين أن الزيادة الفعلية ستكون في حدود 700 ألف برميل يوميا فقط، لأن معظم المنتجين من أوبك ليس باستطاعتهم زيادة الإنتاج، إلا أن الفالح وزير الطاقة السعودي لمح الى أن الزيادة بمليون حقيقية. وتأتي معظم الزيادة من المملكة العربية السعودية وروسيا، وهي في معظمها يبدو أنها للتعويض عن انقطاعات غير متوقعة في الامداد من دول، كفنزويلا وليبيا ونيجيريا وإيران، وانخفاض إنتاج 7 دول أخرى إلى أقل مما هو محدد من قبل أوبك، وبالتالي الزيادة من المفترض أن تقرب أوبك أكثر إلى مستوى الالتزام %100، بحسب اتفاق خفض الإنتاج بـ 1.2 برميل يومياً في أواخر عام 2016 والذي تم تخطيه بسبب الانقطاعات غير المتوقعة في الإنتاج مما وصل بمستوى اللالتزام إلى %162 الشهر الماضي. العوامل المؤثرة في الأسعار خلال النصف الثاني من 2018 هناك عدة عوامل من الممكن أن تؤثر في الأسعار سلبا وايجابا، ولكن الأسعار ستظل متماسكة بشكل عام، وفيما يلي بعض هذه العوامل: 1. زيادة انتاج أوبك سيكون لها تأثير نفسي على الأسواق في الغالب. وهي من المفترض أن تحد من تقلصات الامداد في وجه الطلب العالمي المتنامي. 2. زيادة انتاج الولايات المتحدة والحرب التجارية التي تلوح نذرها في الأفق بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي والصين، سيكون لها تأثيرها السلبي على الاسعار. 3. توقع ارتفاع الطلب العالمي بـ 1.44 مليون برميل يومياً إلى 98.16 برميل يومياً في 2018. 4. توقع نمو الاقتصاد العالمي بـ %3.8 وهذا سيبقي الأسعار حول أعلى مستوياتها حتى الآن لهذا العام أو أقل. 5. من المتوقع أن يظل السعر أعلى من 60 دولارا خلال السنة خصوصاً وأن المخزونات العالمية لم تنخفض إلا قليلاً، ومخزون الولايات المتحدة لخمس سنوات أعلى بـ %30 من معدله للخمس سنوات من 2013 — 2008. ومع أن الزيادة المحددة هي مليون برميل يومياً، إلا أنها في الحقيقة ستكون حوالي 700 ألف برميل لعدم استطاعة معظم المنتجين زيادة الإنتاج وسيأتي معظمها من السعودية وروسيا. وكما يشير بعض المحللين، فإن الاتفاق بين أوبك وحلفائها من روسيا وغيرهم على خفض الإنتاج، يعكس الموازنة بين ضغوطات المستهلكين ورغبة المنتجين في الاحتفاظ بالأسعار وعدم إيذاء اقتصاداتهم. وكان الرئيس الأمريكي ترامب قد دعا لزيادة الإنتاج، وذلك يعكس اهتمامه بالمستهلك الأمريكي، كما عبرت دول أخرى من المستهلكين الرئيسيين كالصين والهند وكوريا الجنوبية عن قلقهم من التأثيرات السلبية لارتفاع الأسعار على نمو الاقتصاد العالمي. مستقبل الأوبك إن التحالف الذي بدا بين روسيا وأوبك خلال السنتين الماضيتين من الممكن أن يستمر، وذلك بدافع المصالح المشتركة، بعد المكاسب التي تم تحقيقها من خلال تحكم أفضل في الامدادات خلال الفترة الماضية. فهناك ما يدعى الآن بأوبك + (OPEC+)، وهي مجموعة تتكون من أربع وعشرين دولة، وبحسب بعض المصادر فإن هذه المجموعة تعمل الآن على خلق كيان جديد بأهداف وسكرتارية مستقلة. الصعوبات التي تواجه السعودية داخلياً وخارجياً عمدت السعودية لعقود على لعب دور المنتج المرجح خارجيا والموزع المهدئ داخليا، swing producer externally، and stabilizing distributor internally. وقد شهدنا ذلك بالنسبة للأخير خلال الأزمات السابقة، غزو العراق للكويت ومع بدايات الربيع العربي، إذ استخدم النفط كعامل لتعزيز الاستقرار الداخلي من خلال زيادات في الانفاق الحكومي والاجتماعي والأجور ونحو ذلك، ولكن انتقل بعد ذلك دور النفط السعودي بشكل واضح لمواجهة الخطر في مصادره الإقليمية ولدى دول الجوار من خلال محاولة إدارة أو قمع ثورات الربيع العربي. وفيما يتصل بالعامل الأول، فقد تغيرت الأسواق ولم يعد باستطاعة المملكة لعب دور المنتج المرجح (الذي يعادل العرض العالمي بالطلب العالمي على النفط) كما كانت في الماضي، وهذا دفعها لتفضيل الاحتفاظ بحصتها السوقية عوضا عن استهداف الأسعار مع انهيار الأسعار في عامي 2015 — 2014، وذلك أملا في الضغط على النفط الصخري وإخراجه من الأسواق ولكن تضررت هي قبل أن يتضرر هو، مما اضطرها في نهاية المطاف كما توقعنا، للتعاون مع منتجين رئيسيين من خارج الاوبك لدعم الأسعار، روسيا على وجه الخصوص، وهذا ما حدث بالفعل. صعوبات اقتصادية ومن العوامل الرئيسية المؤثرة في عدم قدرة السعودية على تحمل انخفاض الأسعار مع أن تكاليف الانتاج فيها متدنية، هي أن المملكة لم تجر إصلاحات اقتصادية عبر العقود الماضية ولم تنوع اقتصادها للحد من الاعتماد الكبير على النفط، والانكشاف على دورات الرواج والانفجار النفطية، فارتفع السعر التالي للميزانية بشكل كبير. وهي تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة داخلياً وخارجياً، ودخلت حرب استنزاف في اليمن وفي تمويل الثورات المضادة، والانفاق على التسلح، ولم تبن احتياطياتها الاجنبية بشكل كاف ولا سليم (معظمها أذونات وأصول أمريكية سائلة أو شبه سائلة بعوائد متدنية)، حتى يمنحها ذلك نفساً أطول في الاستمرار بسياستها في المحافظة على حصتها وتحمل انخفاض الأسعار لفترة كافية للضغط على منافسيها. والاحتياطيات يفترضها أن هدفها الأول هو إدارة الدورة النفطية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، ولكنها تعرضت لغضوطات إضافية وغير متوقعة، سببت استنزاف جزء كبير منها في حرب اليمن وقمع ثورات الربيع العربي. إن هذه العوامل لم تساعد السعودية على الاستمرار بما فيه الكفاية في استهداف الحصص، وكان متوقعاً أن تضطر في النهاية للتعاون مع منتجين رئيسيين من خارج الأوبك، روسيا على وجه التحديد لخفض الإنتاج، وهذا ما حدث بالفعل. فقد قادت روسيا خلال السنتين الماضيتين مجموعة من الدول للتعاون مع أوبك وكونت مع السعودية تحالفا من أربع وعشرين دولة منتجة يسمى "أوبك +". والآن هذا التحالف الجديد الذي تقوده الدولتان، يحاول المحافظة على الأسعار في حدود معينة من خلال زيادة الإنتاج حتى لا يؤدي ارتفاع الاسعار إلى تحفيز الاستثمارات وزيادة الإنتاج من جديد. وروسيا والسعودية هما أكبر مصدرين للنفط في العالم، بطاقة انتاجية معا قدرها 21 مليون برميل يومياً وبنسبة خمس الإنتاج العالمي، ويذكر أن وزير البترول الروسي قال خلال اجتماع أوبك الأخير وحلفائها: "نحن بحاجة للبناء على نموذج تعاوننا الناجح ومأسسة ذلك النجاح من خلال إطار استراتيجي أوسع ومستديم، كما أن نظيره السعودي كرر نفس التعليقات خلال المؤتمر، ويذكر ايضا أن رئس أوبك سهيل المزروعي اشار الى أن هناك رؤية لتوسعة المجموعة مع اتفاق بذلك الشأن مع نهاية العام. وهناك اعتبارات لتشكيل كيان من 24 دولة بدستور وسكرتارية بحسب ما تسرب عن بعض المطلعين على النقاشات الخاصة التي دارت خلف كواليس هذا الاجتماع وطلبوا عدم الإفصاح عن أسمائهم، بحسب بعض المصادر. ومن جهة أخرى فان هذه المجموعة ستمنح المملكة العربية السعودية أفضلية في الحد من تأثير إيران وهي أكبر منافس لها في أوبك والتي هددت بدورها بإيقاف خطط المملكة بزيادة الإنتاج في هذا الاجتماع، وهدف هذه المجموعة ككل هو تحكم أفضل في الانتاج والامداد، ومن ثم في الأسعار، ولكن من غير المتوقع أن تزيح أوبك على المدى المنظور، وإنما ستكون بالتوازي معها، وسيحدث ذلك تحولا كبيرا في النظام النفطي العالمي.