19 سبتمبر 2025
تسجيلسيُسجل التاريخ المعاصر لأول مرة أن تحالفا من عدة دول نشأ لمحاربة مؤسسة إعلامية للرأي الحر لا لمحاربة الإرهاب.. وإن تعددت مطالب التحالف الظالم ضد قطر لكن الطلب الأبرز يبدو إغلاق قناة الجزيرة.. مطالب دول الحصار الإذعانية لدولة قطر تخالف القانون الدولي وقوانين ومواثيق حقوق الإنسان فضلا عن مخالفتها لمبدأ السيادة الوطنية وحتى مبادئ العلاقات الدولية. ومع ذلك يشتطُّ وزير الخارجية السعودي ويقول إنها مطالب غير قابلة للتفاوض على حد تعبيره، ويخالفه وزير الخارجية الأمريكي الذي يرى أن هناك العديد من الجوانب يمكن التفاوض بشأنها. وما لا يدركه التحالف أن "الجزيرة" أضحت تمثل أحد الرهانات الإستراتيجية الحقيقية لدولة قطر، وأن محاولة إقناع القطريين بالتخلي عن "الجزيرة" يشبه محاولة إقناع السويسريين ليتخلوا عن بنوكهم. قبل أكثر من عشر سنوات تربعت الجزيرة على عرش خامس أقوي علامة تجارية في العالم. وتناولت الكثير من مراكز الرصد والبحوث الشأو الذي بلغته "الجزيرة" في التأثير على مشاهديها وتشكيل رأي عام إقليمي حول قضايا المنطقة الرئيسية، وتتفق هذه المراكز على قوة تأثير "الجزيرة" في جمهورها خاصة العربي منه على وجه الخصوص. ويذكُر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن لـ"الجزيرة" تأثيرًا بالغا في صياغة الرأي العام العربي، ويُشير المعهد إلى أن القناة ألقت بظلالها على كافة وسائل الإعلام العربية.وقد بلغ من تأثيرها أن تعرضت لسيل من الكتابات العربية وغير العربية التي تتناول الجزيرة باعتبارها ظاهرة إعلامية جديدة في المنطقة العربية، لها قوة معنوية وتأثير كبير في الرأي العام. وقال عنها الراحل محمد حسنين هيكل: "لا أظن أن أحدا يختلف على حقيقة أن شبكة الجزيرة هي العنوان الأكبر في مجال الإعلام العربي هذه اللحظة من الزمان العالمي. وأكد هيكل أن تفرّد "الجزيرة" بسبب أن الرؤية حلت مكان محل القوة دون حاجة إلى سيادة دولة وسلطتها، أو هوية وطن وسياسته.ولما لم يقم مجلس التعاون الخليجي بمهامه وفقا لنظامه الأساسي ومن خلال هيئة تسوية المنازعات، والتدخل لحل الأزمة مضت قطر في رهان القوة الناعمة في مواجهة القوة الغاشمة، حيث تنظم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر مؤتمرًا دوليًا بالشراكة مع الفيدرالية الدولية لحماية الصحفيين خلال يومي 24 و25 يوليو المقبل، تحت عنوان "معالجة المخاطر التي تواجه حرية الرأي والتعبير والحصول على المعلومات" لبحث الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التي تمارسها دول الحصار ضد الصحفيين والإعلاميين والمطالبات بغلق القنوات الفضائية الحرة بالإضافة إلى مناقشة المشكلات الخاصة ببث خطاب الكراهية والتحريض.وسيشهد المؤتمر مشاركة أكثر من 200 منظمة وشخصية دولية بما في ذلك المنظمات الدولية والإقليمية غير الحكومية في مجال حقوق الإنسان، ومؤسسات إعلامية وباحثين وخبراء في مجال السياسات، ومراكز بحوث وخبراء من هيئات المعاهدات، ومجموعة من المقررين الخواص في منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي واتحاد الدول الأمريكية وممثلين عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو.ومما يثير الدهشة فعلا ويؤكد فقدان التحالف لبوصلة الوقار تقرير صحيفة التايمز البريطانية الذي نقل عن سفير إماراتي قوله: "على بعض الدول، مثل بريطانيا الاختيار ما بين أن تتعامل مع مجلس التعاون الخليجي أو مع دولة قطر، وليس كلانا". لكن ذات لتقرير يورد ردا مفحما على ذلك السفير المتجاوز للأعراف الدبلوماسية وهو أن ممتلكات قطر في بريطانيا تقدر بنحو 40 مليار جنيه إسترليني، ومنها: برج "ذا شارد" الذي يعتبر أعلى بناية في أوروبا الغربية.