30 أكتوبر 2025

تسجيل

ما بين الوجاهة والكفاءة مجلس شورى

01 يونيو 2021

دائماً يحمل المثقف ثلاثة أسئلة رئيسية كجزء من بحثه الفكري ووجدانياته العميقة، إذ تدور أسئلته حول الحرية، العدالة، ورفضه للهيمنة. كل تلك التساؤلات تساعد المثقف على الوقوف من مكانه مؤمناً ومناصراً لقضيته ولو طال بها الزمان، ولو ذاق بسببها مرارة المطالبة. وبلا شك أن تلك الأسئلة ولو كانت عامة تتضمن أيضاً الإصلاحات الفرعية، التي يتأمل فيها المثقف لعمليات إصلاحية اجتماعية وسياسية لصالح الوطن والمواطن، ولا تتطلب تلك الآمال إلا من يستمع ومن يعي أهمية التغيير لصالح العموم، والمقابل مطلوب أيضاً النظر في إمكانيات ذاك المثقف في المساهمة في التغيير والإسهام في بناء الوطن الذي يضم الجميع، بدلاً من أن يكون مجرداً من الفعل ومحملاً بالقول فقط. التغييرات التي تطرأ على الدولة تساهم في عملية المعاصرة والتقدم والاستدامة، فلا التاريخ الذي يعود له المثقف، والذي خلد في الوراء سيكون دائماً مساهماً في نقلة التحديث والتنمية، إنما التطلعات الثقافية تظل الشمعة المضيئة على مدى السنوات كي تكون منارة لإصلاحات أكثر مشاركة وأكثر فاعلية مع المجتمع، وهنا نأتي لفهم المسارات التي تقدمها السياسة وعلاقة المثقف بتلك السياسة ومدى فاعليتها على الكفاءة الفاعلة في تعزيز المسارات الانتخابية عبر المشاركة الشعبية على سبيل المثال. مع اقتراب الموعد لنقلة دولة قطر النوعية لأول مجلس شورى منتخب، ينبغي علينا أولاً أن نشيد بهذه النقلة التي تقدم صلاحية التشريع لمجلس منتخب يقوم بأكثر مهام رئيسية لواجهة الدولة من حيث التشريع، والتدقيق، والمساءلة، وبهذه الخطوة أعتقد بأننا سنصل لمرحلة تحقيق الحلم الذي طالب به الكثير من المثقفين من حيث فرصة الانخراط المجتمعي في عمليات صناعة القرار مع رؤى الدولة والمساهمة في بناء نهضة الوطن والمواطن، وهذا هو الجانب الإيجابي بالتأكيد من حيث الهيكلة التي تقدمها انتخابات مجلس شورى ومهام توكل إلى مشرعيها. ولكن يظل الحلم الذي تحقق وليس الهدف نفسه بعد، إذ يفصل ما بين الحلم والهدف مسألة الواقعية في العمليات الانتخابية والتوقعات التي رسمها المواطن في مخيلته على الأعضاء المنتخبين، التي لن تقدم بالضرورة المساواة المطلوبة بين بقية الأعضاء إن كان الأمر متركزا على الوجاهة والمناطقية أكثر من الكفاءة، كما لا تزال حصيلة المرأة في العملية الانتخابية غير واضحة من حيث فرص نجاحها وآلية مناقشتها لبرامجها الانتخابية أسوة مع المنتخبين الآخرين. من هنا، ينبغي علينا أن ننظر للمشرع وحاجتنا له ككفاءة فاعلة، ومدى تمكنه وإلمامه بقضايا المجتمع وإيمانه بصلاحية التشريع، والتي سيتمكن من خلالها أن يساهم في العمليات الإصلاحية، فعلياً المسألة تحتاج إلى التجربة الأولى، حيث ما نقوم به حالياً هو طرح التساؤلات حول آلية الانتخاب والبرامج الانتخابية المترقبة من قبل الناخب - الناخبة، كما أنها تجربة ستكون لها إصلاحاتها على مدى السنوات والتجارب المقبلة، ولكن يظل السؤال من حيث المواصفات المطلوبة للمشرع الفاعل وأهمية تركيز المجتمع على الصفات لا على التجرد في المضمون. إذ ينبغي التركيز على الإمكانيات الأدائية للمشرع، والاجتهاد في أوراق المطالبات بمصداقية وأمانة، وان يكون صوته مسموعاً بالحق والأمانة، كما نترقب منه وعيه بأن صلاحية التشريع تعني اجتهاده في طرح القوانين وتعديل قوانين أخرى لصالح الوطن والمواطن، ينبغي ألا يكون مجلس الشورى الوجاهة للأعضاء، على قدر ما أن يكون المنصة التي تدعم المشاركة الشعبية وتواكب رؤية الوطن في عمليات الإصلاح والتنمية المستدامة. من المهم أن نقف عند الإنجازات وبذل الجهد، ونستبشر بالكفاءات التي تؤهل صاحب الكرسي لأن يكون كفئا لهذه المسؤولية التي تجعله أميناً أمام ربه والشعب عامة، وأن يكون ممثلاً لقطر كاملة مهما كانت مصانع انتماءاتهم. دعوا الوجاهة الاجتماعية في مكانها الاجتماعي، والتي هي محفوظة على مر التاريخ وبين عموم المجتمع، ومقاومتها يجب أن تكون بالكفاءة الحقة والإمكانيات التي تؤهل صاحب الكرسي لأن يكون ملماً بما حوله وما تقدمه الدولة له من رؤى ومسؤولية كبيرة. أعبر عن هذه التأملات المثالية من عين مثقف، وبسقف أحلام عال. [email protected]