16 سبتمبر 2025
تسجيلقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر) كان يمكن الاكتفاء بهذا وتتضح الصورة، لكن القرآن أضاف: (ولا يريد بكم العسر) إن التيسير مقصد من مقاصد التشريع، وأساس متين من أسس الدين، وهو مراد الله عز وجل لخلقه، لذا أرسل النبي صلى الله عليه وسلم وخصه بأوصاف الرحمة والتيسير، فقال تعالى:( ونيسرك لليسرى) فكان صل الله عليه وسلم يحب التخفيف والتبشير، ويقول: أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة، أي الشريعة السمحة السهلة في العمل. إن شريعة الله كلها يسر وسماحة، وميادين اليسر لا تقع تحت حصر، والتيسير في باب المعاملات والتعاملات من أوسع الأبواب وأهم المطلوبات، وهو شعيرة في الأخلاق، وسمة في العادات والعبادات، فهي خير ما يدين به المسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره. وقال: إن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر، وكره لها العسر. وتفاعل الفقهاء في ذلك بقواعد تُبنى عليها الأحكام، ومن أمثلتها: الضرورات تُبيح المحظورات والمشقَّة تجلب التَّيسير وإذا ضاق الأمر اتَّسع والأصل في الأشياء الإباحة ودرء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح. والتيسير لا يعني تتبع الرخص، فما أمر الله سبحانه به فهو واجب التنفيذ والاتباع، وما نهى عنه يقتضي الانتهاء والإقلاع، لكن الإسلام في أمره ونهيه يراعي أحوال الناس وقدراتهم، قال الله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وقال رسول الله صل الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فانتهوا، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. إن التيسير على الناس سبب لنيل التيسير من الله في الدنيا والآخرة، فمن كان رحيما بالآخرين ولا يشق عليهم فيرحمهم، يسر الله عليه أمره في الدنيا والآخرة، قال الله سبحانه (فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى). ومن شق على الناس شق الله عليه، قال تعالى (وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شاق شاق الله عليه. وعند البزار: لو جاء العسر حتى يدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يخرجه.