14 سبتمبر 2025
تسجيلمن حكايات الدنيا الوسيعة نأخذ عبرة لآفاقنا الضيقة! قد نسيء الظن بنبيل، أو نقلب موقفا غاية في الإنسانية إلى موقف حقير، قد يسبقنا داخلنا المظلم إلى كل مضيء فيطفئه، وكل جميل فنقبحه، وكل صادق فنكذبه، وكلما أخرنا حسن النوايا رأينا عجبا، اسمعوا الحكاية..* يقول.. كان يستقل سيارته الفارهة كل يوم، وكان واجباً عليَّ أن أحييه، فهو سيدي الذي أعمل ناطوراً في فيلته، كنت دائماً أحييه، وكان دائماً لا يرد التحية، وفي يوم من الأيام رآني وأنا ألتقط كيساً به بقايا طعام، ولكنه كعادته لم ينظر إليّ وكأنه لم ير شيئاً، وفي اليوم التالي وجدت كيساً مليئاً بالطعام، لكن الطعام كان مرتباً، وطازجاً، ونظيفاً وكأنه جلب الآن من السوق، لم أهتم بأسباب تغير المحتوى، أخذته، وفرحت به، المهم أنني كنت أجد كل يوم نفس الكيس المليء بالخضار وحاجيات البيت، وأصبحت عادة أن آخذه وأمضي، وكنا نقول أنا وزوجتي وأولادي، من هذا المغفل الذي ينسى كيسه كل يوم! وفي يوم من الأيام شعرت بجلبة في العمارة فعلمت أن السيد الذي لم يكن يرد عليَّ التحية قد توفي، تكاثر يومها الزائرون للعزاء وكان أَمَرُّ ما في ذلك اليوم ويشغلني جداً أن المغفل لم ينس الكيس كعادته، وتكهنت أن أحدا من الزوار قد سبقني إليه، وحرمني منه، ومرت الليلة تعقبها أيام لم أجد فيها الكيس المعهود وقد زاد بذلك ضيقي لأنه كان ييسر علينا وينفعنا، غياب كيس الطعام أحدث لي أزمة، إذ زاد المطلوب لإطعام عيالي، وهنا قررت أن أطالب زوجة السيد الذي توفاه الله بزيادة راتبي، كلمتها فقالت بدهشة كيف كان المرتب يكفيك من قبل وقد صار لك عندنا سنوات ولم تشتك؟ ما الذي تغير لتطلب زيادة؟ ولم أجد مبرراً فأخبرتها بقصة الكيس الذي كنت أجده يومياً ويعينني في إطعام الأولاد، وسألتني منذ متى لم تجد الكيس؟ قلت بعد وفاة سيدي مباشرة، فهل كان سيدي هو صاحب الكيس؟ ولكن سرعان ما طردت هذا الخاطر، فسيدي لم يكن يرد حتى عليّ سلامي، رفعت عيني بعد طرد خاطري لأجد سيدتي وقد أغرورقت عيناها بالدموع، وحزنا على حالتها، قررت العدول عن طلب الزيادة، رغم أني لم أكن أعلم ما يبكيها، المهم فجأة عاد كيس الخير إلينا ولكنه لم يكن في المكان الذي كنت أجده فيه وإنما كان يصلنا إلى البيت، كنت أستلمه بيدي من ابن سيدي رحمه الله، وكنت أشكره فلا يرد، شكرته بصوت أعلى لم يرد، شكرته بصوت عال جداً فرد وهو يقول لي لا تؤاخذني فأنا ضعيف السمع (كوالدي)!!وكم نسيء الظن بالناس ونحن لا نشعر، كم نكن في صدورنا كرهاً وضيقاً، وحنقاً لأننا لم نحاول الفهم، أو استبقنا الموقف بسوء الظن!والسؤال هل نقدر أو نحاول أن نلتمس عذراً لا سبعين عذراً لمن تعاملنا معه أو ربطتنا به علاقة؟ هل يمكن إذا اجتمع المجتمعون لتشريح جثة غائب وأكل لحمه أن نترك الشوكة والسكين معتذرين عن الأكل، أو أن نمارس السكوت الذي هو أغلى من الذهب وقد لمز اللامزون، وهمز الهمازون، واغتاب المغتابون ليشبع الذي لم يخف من الوقوف بين يدي الله بالجثة وحده، وبالذنب وحده، وبالقصاص وحده؟ نحن الآن في أيام كريمة تحض على تجربة المحاولة، والتطهر، وعلى الأبواب أيام لا يغفر فيها لمشاحن! فما بالنا بآكلي لحوم الناس، وظالمي الناس، وآكلي حقوق الناس، والغادرين بوفاء إخوانهم وموداتهم ومسيئي الظن بالناس؟ عافانا الله وعافاكم، ونبه قلوبنا لنفض أدرانها، وكفى قلوبنا شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس. قولوا آمين. * مفارقات غريبة* في الصحيفة على الصفحة اليمين مقالة لداعية وفيها يتحدث عن عذاب الواصلة والمستوصلة، على الصفحة الشمال إعلان يقول "الآن زراعة الشعر الإيطالي Bio-Fiber لأول مرة في الشرق الأوسط!!* في المجلة الفاخرة صورة لمائدة "عشرة متر" مليئة بما لذ وطاب في إحدى المناسبات، في الصفحة المقابلة تقرير من إفريقيا وفيه صورة طفل إفريقي جائع يمكن عد ضلوعه "ضلع ضلع"!* في المول تسير "الحاجة" تلبس لباساً شرعياً فضفاضاً، وعلى يمينها تسير ابنتها لابسه باروكة، ورموش، و(بدي) وبنطلون (محزق) تستحق عليه علقة!! * * * طبقات فوق الهمس* إحساس بالسعادة غمرني عندما وجدت نفسي محاطة بقلوب أخوات فضليات كَوّنَّ جامعة دول عربية، من مصريات، قطريات، فلسطينيات، سوريات، أردنيات، سودانيات، عراقيات، باكستانيات، وكلهن اجتمعن في مهمة إنسانية نبيلة تلبية لمناشدة الصديقة "وفاء عكه" للتبرع بالملابس القديمة لصالح مؤسسة أحمد إسماعيل مرسي التي ترأسها، والتي أسستها لتكون صدقة جارية عن روح ابنها أحمد الذي توفاه الله قبل تسلم شهادة تخرجه، ولقد فوجئت بملابس متنوعة على مستوى عال من الجودة، ومنها جديدة لتمتلئ الشاحنات بمساهمات الصديقات الرائعات، التي تبنت الأخت وفاء توزيعها على الفقراء والمحتاجين بأقاليم ونجوع مصر، وقد أقيم معرض منذ أيام ليشتري منه محدودو الدخل بأسعار زهيدة بمقر الجمعية، هذه فرصة أن أقدم تحية تقدير وامتنان للأخوات الرائعات في الدوحة لما قدمنه من أطنان المساعدات التي أسعدت المعوزين والفقراء، وكذلك أبلغ الجميع شكر مؤسسة أحمد إسماعيل مرسي الخيرية على كل ما تسلمته من الأخوات في قطر ورسم الابتسامة على وجوه محرومة من الفرح، كما تهدي أختنا وفاء الجميع عظيم شكرها لكل من ساهم بتبرعاته العينية مع دعوات للجميع بسعادة الدنيا والجزاء الأوفى بالآخرة.* سترتاح، وتهدأ، وتغشاك السكينة، إذا لم ترج إلا الله، ولم تعتمد إلا على الله، ولم تطمع إلا بكرم الله، ولم تفوض أمرك إلا لله، ولم تشك إلا لله، وقلت في قلبك اللهم إني لحكمك راكع، ولأمرك طائع، أنت من حكمت فعدلت، وخلقت فرزقت، كل أمري أفوضه إليك.