18 سبتمبر 2025

تسجيل

هل غاب التغافل؟

01 يونيو 2015

عنا ومن حركة حياتنا العامة والخاصة بل وفي جميع أمورنا — ولا نعمم —، فأصبحنا نثور ونغضب على كل صغيرة وكبيرة ولا يتحمّل بعضنا البعض، ونستقصي كل أمر ونتتبع خيوطه، وقد تتشابك الخيوط، ويحدث ما لا يحمد عقباه من غضب وشحناء وعداوة، وتتلف القلوب، وتتعكر الأجواء، وتتكدر النفوس وتصبح الحياة غابة لا يتحمّل أحد،من انتقام وتشويه للسمعة والانتقاص والكيد. وهناك للأسف أشخاص لا هم لهم إلاّ تعكير الأجواء وتضخيم الأخطاء وتصيد العيوب والمثالب.فقيمة التغافل هي من أخلاق الكبار وهي من عادتهم، وأصحاب الهمم العالية، التي لا تلتفت إلى هذا أو ذاك، وتغض الطرف عن الكثير والكثير من الأخطاء، ليس عن مذلة أو منقصة أو عيب فيهم، وإنما رفعة منهم وتواضع، وطلب الأجر والثواب منه سبحانه وتعالى، ففي التغافل راحة استمرار واستقرار لعلاقاتنا في مؤسساتنا وحياتنا اليومية على مختلف مستوياتها وفي أي مكان وزمان. " فالتغافل ذلك الفن الذي لا يتقنه أغلبنا، فالتغافل هو غض الطرف عن زلات وأخطاء غيرنا ممن نحب أو نكره على حدٍ سواء ".ومن جميل ما قاله سلفنا الصالح رحمهم الله عن هذه القيمة والخلق، فقد قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله " تسعة أعشار العافية في التغافل "، وقال سفيان الثوري رحمه الله" ما زال التغافل من شيم الكرام "، وقال الإمام الحسن البصري رحمه الله" ما استقصى كريم قط"، وقال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه " من لم يتغافل تنغصت عيشته "، وقال الإمام الشافعي رحمه الله " الكيس العاقل هو الفطن المتغافل " وقال الأعمش " التغافل يطفئ شراً كثيراً". وقيل " ثلث الحكمة فطنة وثلثاها تغافل". فهل نتقن هذا الفن الجميل والخلق الكريم والقيمة العالية بدون تكلف ولا مثاليات، فحياتنا بدون مثاليات راحة." ومضة "ما أحوجنا إلى هذه القيمة والتحلي بها في مواقفنا العملية اليومية، وقد ذُكر عن القائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله أنه كان يتحلى كثيراً بقيمة وخلق وأدب التغافل. فتأمل.