24 أكتوبر 2025
تسجيلأبو العلاء المعـري في قصيدة له ، بدا متذمراً يائساً سوداويا ، يقول في حد أبياتها : تَـعَبُ كُـلّها الـحَياةُ فَـما أعْجَـبُ إلاّ مِـنْ راغبٍ في ازْدياد.. فهو هنا يبدي رأيه في هذه الحياة وأنها كلها تعب وجهد وبلاء ومشقة، ويتعجب من الراغب فيها بل والمتطلع الى المزيد منها.. فهل هي كذلك؟ لاشك في أن هذه الحياة الدنيا ليست دار خلود، ينعم أو يشقى الناس فيها. وهذه حقيقة لابد أن تكون واضحة في الأذهان، ولعل ضبابيتها وعدم وضوحها، هي سبب رئيسي لكثير من مشكلات النفس كالقلق والتوتر والاضطراب. لكن حين تتضح المعاني او معاني هذه الحياة فالأمر سيختلف كثيراً دون ريب. شاعرنا ما وصف الدنيا بهذا الوصف إلا لأنه كان يمر بظروف معيشية معينة فيها قسوة وعناء، فتأثر بظروفه دون شك فوصف الدنيا بالتعب، ولم يقل بعضها أو نصفها بل كل الحياة. لكن إن جئت لآخر في رغد من العيش، عنده مال وبنين وصحة عافية، فلن يصف دنياه كما وصف المعري دنياه .. ومن هنا يتبين كيف أن الظروف المحيطة تؤثر في اتخاذ القرارات واطلاق الأوصاف على الأشياء ومنها البشر كذلك. لكن الموضوع الأهم اليوم هو تعب الحياة الذي لا مفر منه، مهما تكن سعيداً معافى في بدنك تملك قوت يومك وآمن في سربك.. طبيعة الحياة تدفعك أحياناً كثيرة الى استشعار معاني الخوف والقلق والتوتر والحزن والألم والتألم وغيرها من مشاعر حزينة غير محببة للنفس، وليس في هذا أي جديد، لكن ما نرغب الاشارة إليه، هو كيفية التعامل مع تلك المشاعر والتغيرات على النفس الإنسانية. بشكل مختصر سريع.. فهم طبيعة الحياة تؤدي بك الى وضوح طريقك في حياتك، فإن أي قلق أو توترات تكون نواتج تشويش مؤقت للرؤية في ذاك الطريق، بدليل أنك ما إن تتضح الرؤية لك من جديد ، تسيطر على الوضع وتتعامل مع مصادر القلق لتصل في النهاية الى علاج حاسم وربما بدأت تضحك على ما فات وكيف وقعت ضحية وعشت لحظات حزينة كئيبة التي ربما لا تستحق كل هذا الحزن والأسى.. فهكذا هي الحياة الدنيا، وهكذا يجب أن نكون نحن البشر في تعاملنا معها.