18 سبتمبر 2025

تسجيل

جولة شرف الخليجية .. علاقات عامة ومضامين أخرى

01 مايو 2011

رغم اختلاف آراء مليونيات التحرير ومحتجي الثورة في عموم المحافظات المصرية على ساسة أرض الكنانة عقب سلسلة الامتعاضات والشكوك في غالبيتهم ممن حسبت ميولهم على الحزب الوطني وهوى رموزه إلا أن تلك الجموع اتفقت على أستاذ الهندسة الدكتور عصام شرف لتولي مهمة رئاسة الوزراء المصرية خلال الفترة الانتقالية. وحيث كان الرجل هنا الأسبوع الماضي في جولة خليجية يستعيد فيها ذكريات الأيام الأكاديمية في حرم جامعة الملك سعود في الرياض فقد حمل مهمة التأكيد لحالة من الضرورة في طبيعة وحجم العلاقات الخليجية مع بلاده مصر بعد هزة الثورة التي لم تكن في الحسبان العربي والعالمي أجمع. فقد قال الدكتور شرف إن أمن دول الخليج خط أحمر بل زاد على ذلك وباللهجة المصرية قائلا " حيطة حمرا كمان " ويتمنى المتابعون ألا تكون سمة جولة شرف في إطار العلاقات العامة فقط والتسويق لمصر فيما بعد الثورة والعودة بالأذهان إلى إستراتيجية مصر ودورها العربي كعمق وظهر صلب للأشقاء بعد أن طغت حالة من الإحباط على نفسية العموم هنا بعد مساء التنحي يوم 11 فبراير والتي حملت خيالات واقعية في بعض مضمونها المتبلور فيما يمكن صياغته بأن " حساب الأمس ليس كحساب اليوم أو غده " حيث لا يمكن الارتكان على الشعارات فقط لبناء القوة في التحالفات الإقليمية بل يجب قياس الصلابة والعمق فيها أولاً والموثوقية في شعبية وقبول العامة لأطرافها. فنظام الرئيس مبارك السابق قد حمل مع رحيله ملفات ومضامين تستلزم إعادة الصياغة لمضمون التحالف العربي وضرورة إشراك الجماهير في حيثياته والمؤمل فيه من نتائج تستهدف واقع الأمة وأمنها ومصير قضاياها العالقة. فالرئيس شرف وحكومته الانتقالية المؤقتة لحين البدء في الانتخابات المرتقبة لاختيار الرئيس القادم لمصر وفق بنود الدستور المعدل يبقى هو الآخر مؤقتاً رغم تأكيداته وتأكيدات المجلس العسكري الحاكم على ثوابت العلاقات والاتفاقات العربية والدولية. فالعيون بجل اهتماماتها منصبة على شخصية الرئيس القادم ومرجعية هويته السياسية ومن أين سيأتي ذلك الرئيس من جملة التكتلات والأحزاب المصرية وهل سيكون مستقلاً أم ناصرياً أو إخوانياً أو سلفياً أو ليبرالياً أو من غيره من التجمعات السياسية هناك. فعلى ضوء من سيكون الأوفر حظاً في جلب أصوات الناخبين إليه سيكون الحكم على نمطية وحجم العلاقات مع القاهرة. وبما أن الجميع من أصوات رموز وتكتلات السياسة هناك يراهنون على صناعة مستقبل واعد في العلاقات العربية والمحاور الدولية للعودة إلى نمطية الصورة التاريخية للدور المصري وبشكل أكثر فعالية وأداء. فالرئيس شرف تبنى مهمة مغازلة دول الخليج تحديداً في ظل ظروفها الأمنية الراهنة مع إيران كتكتيك متقن منه لتأكيد أهمية مصر وحضورها الإستراتيجي مع دول الخليج في خط المواجهة حفاظاً على مستوى متقدم من العلاقات مع أنظمة دول الخليج وبناء حجم ونوعية المصالح معها من جهة ولتمتين القاعدة الجماهيرية المصرية وتأكيد حضورها في القضايا القومية من جهة أخرى ببث شعور عام بين المصريين على أهمية هذا الدور وضرورته لمصر ومصالحها في كل المراحل وربما التأكيد أيضا على أن هذا الملف هو الوحيد والأهم الذي يجب توريثه من نظام مبارك إلى النظام الجديد دون قبول أي احتجاج أو امتعاض من الشارع المصري وباعتبار أن الاحتجاج والاعتراض وثورة ملايين الجماهير على نظام مبارك كانت استياء من أجنداته وممارساته الداخلية فقط والتي أرهقت الشارع وصادرت حقوقه على مدى ثلاثة عقود استحوذت المصالح وناتج المكاسب والمواقف السياسية فيها على فئة محددة تسكن غالبيتها سجن طرة الآن. فالعقود الثلاثة طويت صفحتها الآن وظهرت للعالم مصر جديدة تحافظ على مواقفها وثوابت علاقاتها وفق ذمة لا تنفك عن مبادئ العروبة والدين وكل القيم التي يؤمن بها المصريون جميعاً. لذلك يرحب المتابعون بجولة الرئيس شرف ومضمونها وإن حسبت ضمن أطر العلاقات العامة إلا أنه من المهم تمتين الثوابت بين الشارع المصري وأهمية إشراكه في صياغة دور مصر العربي وضرورة المحافظة على هذا الدور ولتأكيد الثقة به مع الغير وللقادم لرئاسة مصر لبناء أجندته وفق هذا المحدد الإستراتيجي المهم من أجل جملة مصالح مصر الداخلية والقومية وهي نفس الرسالة التي سيتبناها شرف مع فضاء مصر الإفريقي والدولي في كل جولاته القادمة. [email protected]