12 سبتمبر 2025
تسجيلمن رحم الثورات العربية الحبلى بآمال التغيير والإصلاح، واستجابة لنداءات وهتافات الشباب الفلسطيني المطالبة بإنهاء الانقسام، تم توقيع اتفاقية المصالحة بين حركة "فتح" وحركة "حماس"، بالأحرف الأولى يوم الأربعاء الماضي في القاهرة برعاية مصرية، صارمة لا تمتطى صهوة التماطل، أو التطويل، أو التأجيل. وإذا سارت الأحداث على ما هي عليه الآن، ومع ثبات العوامل، وتوافر النيات الصادقة والثقة المتبادلة بين جميع الأقطاب، فإن يوم الأربعاء القادم سيشهد توقيع الاتفاق النهائي.. الذي سيبرمه محمود عباس أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.. القاهرة التي رعت مباحثات إنهاء الانقسام لأكثر من عام ونصف العام، لم تستطع في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك أن تتقدم خطوة إلى الأمام في سبيل التوسط بين الفرقاء لاعتبارات تتعلق بالظروف الإقليمية والدولية.. وبدا جلياً أن الدور المصري الإقليمي في الريادة والقيادة ووضع بصمات مرئية في الساحة السياسية بدأ في البروز التدريجي.. ويزيد هذا الدور نصوعاً التصريحات المصرية التي تؤكد إنهاء الحصار من جانب مصر، والخاص بفتح معبر رفح قريباً لينهي بذلك فترة عصيبة عاشها مواطنو قطاع غزة من الحرمان من ضرورات الحياة الأساسية.. ومن العزلة من ذوي القربى في الجارة الودودة مصر.. الخصام والانقسام الذي استمر زهاء السنوات الخمس أدى بشكل ملحوظ إلى انقسام الجسد الواحد، وأدى إلى تداعيات استقطاب حاد جنى ثماره المرة أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع.. كما أدى إلى التراشق بالألفاظ النابية، وأحياناً أخرى إلى التراشق بالرصاص، والسجن، والاعتقال، واتهامات التخوين والعمالة التي طالت الصغير والكبير، والسائر والعابر.. وليس سراً أن اتفاق المصالحة سوف يؤدي إلى إغضاب إسرائيل التي جن جنونها، وبدأت تطلق التصريحات النارية لإثناء أبو مازن عن العدول عن إبرام الاتفاق. فقد بدأت إسرائيل حملة لحث دول الاتحاد الأوروبي "بعدم الاعتراف بأي حكومة فلسطينية تكون حماس جزءا منها مادامت الحركة لم تعلن التزامها بشروط الرباعية، الثلاثة: الاعتراف بإسرائيل، وقبول الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية، ونبذ الإرهاب وكل أشكال العنف". يتضح جلياً أن إسرائيل لا تريد السلام بدليل استمرارها في عدم تنفيذ القرارات الدولية، ومضيها في سياسة الاستيطان والإقصاء والقتل والتدمير. المرحلة الحالية تتطلب من جميع الفرقاء الفلسطينيين المضي قدماً في مساير توقيع الاتفاقية يوم الأربعاء القادم، والتأهب لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.. أمام الحركات والفصائل الفلسطينية مهام عاجلة لا تتطلب التسويف أو الإغراق في التفاصيل.. لأن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس يشكل باعثا وحافزا للاصطفاف والاستفادة من المتغيرات الإقليمية والدولية التي تبعث على الأمل النضير بتحقيق الحلم المشروع الذي طال أمده ومداه.