11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لقد شكلت معركة "جالديران"، التي وقعت بين الإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية، عام 1514، منعطفًا تاريخيًّا وحدثًا هامًّا، من أهم الأحداث التاريخيّة في التاريخ الإسلامي، كما حوّلت تلك المعركة التي دارت بين الشاه إسماعيل الصفوي والسلطان سليم الأول مسار التاريخ إلى جهة مختلفة تمامًا، وأبقت العالم الإسلامي تحت تأثيرها لمئات السنين. فلو كتب للشاه إسماعيل الظفر بتلك المعركة، لكنا نعيش اليوم في عالم مختلف تمامًا. لطالما وجهت الإمبراطورية العثمانية وجهها نحو الغرب، محققة فتوحات كبيرة داخل أراضي العالم المسيحي، فيما دأبت إيران على الدخول بحروب مع دول مسلمة مجاورة طيلة تاريخها. وعليه، فقد أوقفت الحرب التي أعلنها الشاه إسماعيل على السلطان سليم الأول، فتوحات العثمانيين وتقدمهم نحو الغرب، وأجبرتهم على التوجه نحو الشرق.سياسة حزب العدالة والتنمية تجاه إيران لقد أصبحت الإمبراطورية العثمانية بعد معركة "جالديران" مركزًا للعالم السنّي، فيما ذُكِرت إيران منذ ذلك الحين، على أنها ممثلٌ للعالم الشيعي، ولم تدخل الدولتان في حرب مرة أخرى بعد ذلك التاريخ، ولم يطرأ أي تبدّل على الحدود المشتركة بينهما، والتي تم ترسيمها وفق معاهدة "قصر شيرين" الموقعة بين البلدين في 17 أيار\ مايو 1639، وبقي البلدان يتشاركان تلك الحدود حتى يومنا هذا، وعلى الرغم من عدم اندلاع أي حرب فعليّة بين البلدين، إلا أنهما كانا في حالة منافسة دائمة داخل العالم الإسلامي والمنطقة. وقد عززت تركيا علاقاتها مع إيران، خلال حكم حزب العدالة والتنمية، حيث شهدت العلاقات التركية الإيرانية تطورات ملحوظة، في إطار سياسة تعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية، التي بدأ بها رجب طيب أردوغان، وسادت حالة من الدفء في العلاقات بين البلدين. وكانت تركيا ربما البلد الإسلامي الوحيد، الذي دافع عن إيران، وطالب أن يتم التعامل معها بشكل أكثر عدالة، عندما بدأت السجالات تدور حول ملفها وبرنامجها النووي. ورأت تركيا ضرورة امتلاك إحدى الدول الإسلامية لبرنامج نووي، مقابل امتلاك إسرائيل لبرنامج نووي في المنطقة. لقد استفادت إيران من الأطروحة التركية الموجهة لجميع دول العالم الإسلامي في مفاوضاتها الدولية، ما جعلها تقدم على المفاوضات بقدر عال من الاطمئنان. إضافة إلى أن تركيا، كانت البلد الوحيد الذي قدم دعمه لحزب الله اللبناني، إبان الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان. سياسة التمدد الشيعي وجهت انتكاسة للعلاقات التركية الإيرانيةشاركت في العديد من اللقاءات والزيارات الرسمية، التي جرت بين الجانبين التركي والإيراني، في الفترة التي كنت فيها مستشارًا لرجب طيب أردوغان، وأستطيع القول إن أسلوب إدارة العلاقات السياسية الذي تنتهجه إيران، سبب لنا مفاجأة كبرى، حتى في تلك الفترة، حيث كان هنالك فرق شاسع بين ما يتم الحديث فيه خلف الأبواب المغلقة وما نشهده من تطورات على الأرض، بل وحتى أن إيران رفضت أن تكون إسطنبول مركزًا ونقطة انطلاقٍ للمفاوضات التي ستجريها حول برنامجها النووي، لكي لا تعطي تركيا التي طالمًا كانت لها عونًا أمام الدول الغربية، فرصة أن تكون بلدًا يمتلك دورًا حيويًا في ذلك الملف، لقد كانت السياسات الإيرانية تنتهج أسلوبًا غريبًا لهذه الدرجة. شهدت العلاقات التركية - الإيرانية، برودًا ملحوظًا، بسبب الأزمة السورية وسياسات التمدد الشيعي التي اعتمدتها إيران في المنطقة، كما لم يرق لتركيا أسلوب "السياسة الفارسية" الذي تنتهجه إيران، فعمدت على تغيير أسلوبها، واتباع سياسات حذرة في التعامل معها. أمّا إيران، فقد سعت خلال تلك الفترة إلى بث مشاعر العداء تجاه تركيا، في سوريا والعراق ولبنان، وتقديم دعم خَفي، لأتباع المذهب الشيعي داخل تركيا، ولكم أن تتخيلوا كيف قام حزب الله، بتوجيه كلمات معادية لتركيا، والسعي لتشويه صورتها في المنطقة، بالرغم من أن تركيا، كانت البلد الوحيد الذي وقف إلى جانبه، خلال حربه مع إسرائيل في لبنان. تركيا تحذّر "إيران الجشعة" لأول مرةإن إيران، ترتكب ثاني أكبر خطأ في تاريخها، وتلقي بالعالم الإسلامي إلى نار الحرب الطائفية، بسبب سياساتها التوسعية، التي تعتمد على المد الشيعي في المنطقة، كما أن السياسات الهجومية والعدوانية التي تنتهجها إيران، إلى جانب سياساتها التوسعية، كانت السبب وراء احتراق سوريا والعراق ولبنان واليمن، بنار الحروب والنزاعات الطائفية.وبعد الحرب الأهلية الأخيرة التي نشبت في اليمن، لم يبقَ بلد إسلامي واحد يقف إلى جانب إيران، ويتحالف معها، باستثناء الدول الواقعة تحت الاحتلال الإيراني، كما وجّهت تركيا، وللمرة الأولى، انتقادات لاذعة للسياسات التوسعية التي تتبعها إيران اعتمادا على التمدد الشيعي في المنطقة، والمواقف العدوانية تجاه دول الشرق الأوسط. ووصف الرئيس أردوغان السياسات التوسعية الإيرانية، ومساعيها لاحتلال عدد من دول المنطقة، بـ "غير المقبولة"، مطالبًا إياها صراحة بتغيير نهجها، والانسحاب فورًا من الدول التي تحتلها. ما الذي تريد إيران فعله؟أعتقد أن هذا السؤال هو السؤال الذي يدور في أذهان الجميع. يبدو أن إيران، وافقت على استعداء جميع دول العالم الإسلامي، مقابل تحقيق سياساتها الطائفية والتوسعية، وبما أنها وافقت أيضًا على خسارة تركيا، الحليف الأكثر أهمية بالنسبة لها، إذًا يجب أن يكون هنالك أسبابٌ مهمة جدًا، تقف وراء ذلك الإصرار على تحقيق تلك السياسات. إن الأوساط المتطرفة في إيران تطلق الآن زغاريد النصر، قائلين أنهم تمكنوا من تأسيس أكبر إمبراطورية شيعية عبر التاريخ، وأن العالم الشيعي بات يمتلك خمس عواصم، فهل هذا حقيقي؟ نعم، إنه حقيقي لكن كحلم عابر.. ذلك أن العملية العسكرية التي بدأت بقيادة المملكة العربية السعودية، واستهدفت مراكز الحوثيين في اليمن، أظهرت أن التأثير الذي تفرضه إيران على دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء اليوم، هو عبارة عن تأثير مؤقت، لا يمتلك جذورًا راسخة في الأرض، وهنا أود الإشارة إلى أن تركيا أعربت عن دعمها وتأييدها للعملية العسكرية التي حملت اسم "عاصفة الحزم". وعليه، فإن "عاصفة الحزم"، تظهر قيام تحالف واسع ضد إيران، لن يقف عند حدود اليمن، بل سيمتد نحو البلدان الأخرى التي تشهد احتلالًا إيرانيًا. إيران من جهتها، ترى أنها تمكنت من تحقيق نصرٍ مؤَزَّر، من خلال "السياسات الفارسية" التي تتبعها، والتي تستمد القوة من روسيا والصين، وإسكات الولايات المتحدة من خلال مجموعة من الحيل والمكائد، ولكن الواقع ليس على ذلك النحو البتة، ذلك أن الدول الداعمة لإيران، هي نفسها الدول التي طالما دأبت على السعي وراء إشعال فتيل الحروب والنزاعات الطائفية، داخل العالم الإسلامي، وقد نجحت أخيرًا في الوصول إلى غايتها، لتبدأ صفحة جديدة من الحروب والنزاعات الطائفية في العالم الإسلامي، وذلك بفضل سياسات إيران الجشعة وتعصبها الطائفي الأعمى. نحتاج لشرق أوسط جديدتحول الشرق الأوسط إلى حمام دم، نتيجة اقتتال المسلمين بين بعضهم البعض، وبتنا بحاجة لشرق أوسط جديد، شرق أوسط جديد يُبنى من قِبلنا، تُحقن فيه دماء المسلمين، ويُوضع فيه حدٌّ للحروب والنزاعات الطائفية، ويَتم السعي فيه من أجل بناء وحدة إسلامية شاملة، تعلي من شأن الأمة وتنهض بها، وإلا فإن أوار ذلك الحريق سيفتك بنا جميعًا.