18 سبتمبر 2025

تسجيل

قبل أن تنتقد غيرك..

01 أبريل 2015

ما من أحد لا يحب المديح بصورة وأخرى، وبالمثل ما من أحد يحب النقد ولو كان بنّاءً، مهما يقل المرء عن نفسه أنه واسع الأفق وصاحب صدر رحب، فالإنسان ليس آلة أو جمادا لا يشعر بما حوله، بل إنه كتلة متحركة من المشاعر والأحاسيس، وهذه من حقائق الحياة التي لا نختلف عليها. تلكم الحقيقة تدعونا دائماً إلى توخي الحيطة والحذر قبل اتخاذ قرار انتقاد أو مهاجمة الآخرين، خاصة إن كانت النية غير صافية نقية تجاه من نرغب انتقادهم أو مهاجمتهم عبر منابر الإعلام المتنوعة.. لماذا؟ السبب جد بسيط، وقد لا يفطن إليه المهاجم كثيراً. إذ عادة لا يمكن القيام بهجوم كاسح ماسح دون ترك ثغرات معينة، وستكون تلك الثغرات فرصة لمن تعرض للهجوم أو النقد أن يستفيد منها ولو بعد حين من الدهر، طال أم قصر، ويتخذها قواعد انطلاق لرد الهجوم ورد الصاع صاعين وربما أكثر!. ليس يعني من هذا الحديث السكوت عن قول الحق. لا، ليس هذا هو مقصدنا، بل إن الهدف الأساسي من القيام بأي عملية نقد أو بيان حق ومواجهة ظلم وباطل صادر من شخص ما، أن يكون بالحسنى فقط، دون التعرض لذات الشخص أو أهله أو حياته الشخصية، مهما كان حاله ووضعه، وحتى لو كان قد هاجمك وانتقدك من ذي قبل بفحش من القول وزيادة، ذلك أن الأصل في تعاملاتنا الإنسانية، أن نعامل الناس بأخلاقنا لا بأخلاقهم. البعض من المنتقدين وللأسف حين يدخل نطاق النقد، تجده يهاجم ذوات الأشخاص ويعيب عليهم طبائعهم وعاداتهم، ويتعرض ربما لآخرين محسوبين عليه ولا لهم ذنب من الموضوع كله سوى ارتباطهم العائلي به، ويتجاهل الناقد لبّ الموضوع، وهو ما يتسبب في إثارة الضغائن، فيبدأ المتعرض للنقد بالرد بالمثل، خاصة إن رضي النزول إلى مستوى الناقد والتعامل بأخلاقه، وبالتالي ستؤدي تلك المعركة إلى ضياع الفكرة الأساسية من عملية النقد، فتجد المتابعين قد تاهوا في الردود والتعقيبات. بل السباب والشتائم، فيخسر الطرفان ثقة القراء إن كانت المعركة صحفية، أو المشاهدين والمستمعين إن كانت تلفزيونية أو إذاعية، وهذا ما يدعونا دوماً إلى أهمية استيعاب بعض مهارات النقد والإحاطة ببعض أخلاقيات وأدبيات الخلاف. ولتكن دائماً الآية الكريمة، "وجادلهم بالتي هي أحسن"، شعاراً تسير وفق هداه، ومن يكن القرآن كتاب هداية وتبصرة له، فلن يضل أبداً بإذن الله.