18 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس قلنا بأن الفاروق عمر وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بمكانة العرب دون الإسلام، حتى قال قولته الشهيرة:" نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله".هذه حقيقة أوضحها جعفر بن أبي طالب أيضاً، وهو في حضرة النجاشي، ملك الحبشة وهو يناظر الباطل ويدافع عن فئة مسلمة مستضعفة هاجرت من وطنها فراراً بدينها، فقال يومها:" أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام حتى بعث الله عز وجل إلينا نبياً ورسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده... فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به، فعدا علينا قومنا وفتنونا عن ديننا، فلما قهرونا وظلمونا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك".أوضح جعفر ما كان عليه العرب وحالهم قبل الإسلام، دينياً واجتماعياً وأخلاقياً، فجاء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بدين كان له أثره العظيم في تغيير مبادئ ومفاهيم كثيرة، وبه تغيرت أحوال العرب حتى صاروا أعزة من بعد ذل، وسادة من بعد خضوع لهذا وذاك..نعم، هكذا كان حال العرب قبل الإسلام، وهو الحال الذي يبدو العرب قد بدأوا العودة إليه من جديد! ولك أن تلتفت يمنة ويسرة لتشاهد بنفسك وضعنا اليوم بين أمم الأرض المختلفة..إننا ومنذ أن انطلقت دعوات القومية والاعتزاز بها دون الدين، رجعنا إلى ما كنا عليه قبل خمسة عشرة قرناً من الزمان.. وهو ما نجح فيه الاستعمار أو الاستخراب، منذ أكثر من قرن من الزمان.. ولعل أوضح شاهد ودليل على الوضع غير السار، ما حدث لقضية الأقصى، التي بدأت وهي في قلب المسلمين جميعاً، حتى إذا ما قال العرب بأنها قضية عربية، رفع بقية المسلمين أيديهم عنها، حتى قال الفلسطينيون أنها قضيتنا، فرفع بقية العرب أيديهم.. وهكذا الحال حتى يكتب الله أمراً كان مفعولا..نعيش نموذجاً للتقوقع العربي وهو يبتعد عن دينه. هذا الابتعاد، لم ولن يأتي بخير أبداً على الأمة، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، كما قال الأمير العادل التقي، عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.