10 سبتمبر 2025

تسجيل

الخيمة التونسية .. وقاعدة الحكم

01 مارس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يختلف اثنان على أن المشهد السياسي في تونس متحرك ومرن ومفتوح على صياغات وسيناريوهات واحتمالات كثيرة. فبعض الأحزاب تعيد تشكيل نفسها، وأخرى تتفتت، وقسم ثالث يتهيأ لمؤتمرات يتوقع أن تقسمها، كما لا يستبعد أن تزيد من وحدتها. ولا شكّ في أن هذه الوضعيات ستلقي بظلالها على استقرار الحكم الذي بات يتوقف على حراك الأحزاب وتحالفاتها، في ظل نظام سياسي برلماني معدّل، يتحكم في أنسجته رئيس الحكومة الذي تختاره الأحزاب والتحالفات الحزبية، ويتمتع دستوريا بصلاحيات واسعة، تحدد إلى حدّ كبير من لعبة الحكم والسياقات التي يتحرك فيها. لم يكن أحد يتوقع ألبتة، أن ينتهي مشهد الحكم إلى ما هو عليه الآن: الحزب الأغلبي، (نداء تونس)، ينشطر إلى قسمين، بما أضعف كتلته البرلمانية، وأدى إلى تراجع أدائه صوب الحكومة، وشغل الرأي العام، خصوصا الذي انتخبه ليقود البلاد، فيما ظلت حركة النهضة (الحزب الثاني في الحكومة)، تناور من أجل عدم تفتت حزب نداء تونس، لأنها تدرك أن انفراط عقد هذا الحزب، معناه أن تجد نفسها في مواجهة استقطاب جديد، لم تعد تراه مفيدا لوجودها أولا، ولاستقرار الحكم ثانيا. صرفت حركة النهضة الكثير، من أجل أن تقنع كوادرها وقواعدها بالوفاق مع الحزب المحسوب على المنظومة القديمة التي ثار عليها التونسيون، واستهلكت نتيجة لذلك، الكثير من شعبيتها، وقد تكون دخلت في مماحكات داخلية ربما أثرت على تماسكها في المستقبل، ولكنها مع كل هذه الهرتلة السياسية والإعلامية التي تتعرض إليها، كانت مدركة أن الخيمة التونسية يمكن أن تتسع لأكثر من مستظل، فيما كان خصومها - ولا يزالون - يبحثون عن خيمة يشترط الدخول إليها الاستظهار بـ "فيزا" لا يمكن أن يكون للنهضويين نصيب منها. لذلك يطرح الساسة اليوم، سيناريو يبدو أكثر حظا في المرحلة المقبلة، وهو العمل على توسيع قاعدة الحكم في البلاد ليشمل عدّة أحزاب، تؤثث الحكم خلال مرحلة طويلة نسبيا، قد تمتدّ إلى نحو عشر سنوات على الأقل، يتم بموجبها الحفاظ على الاستقرار السياسي للحكم من كل هزات ممكنة، وبالتالي حماية الثورة التونسية والمخرجات الديمقراطية الناتجة عنها. ويبدو أن هذا الهاجس الذي يشغل عدّة أحزاب، يجد قبولا من قبل رئيس الجمهورية، ومن أطراف سياسية عديدة، بينها، وربما في مقدمتها، قيادة حركة النهضة، التي يعنيها التأسيس لقاعدة حكم، ستكون هي أحد مكوناته بالضرورة، باعتبارها تتوفر على رصيد انتخابي لا يقل عن 30 بالمائة من حجم الأصوات. وإذا كان الساسة والأحزاب قد بدأوا المشاورات بهذا الشأن، في انتظار الإعلان عن هذا المولود الجديد، فإن الأسئلة المطروحة في الأوساط السياسية هي: من تكون الأحزاب المعنية بهذه "الخلطة" التي يسميها البعض "قاعدة الحكم"؟ ألا يخشى أن تكون هذه القاعدة، بمثابة الخليط غير المتجانس من الأحزاب، التي يمكن أن تنقل صراعاتها وخلافاتها الأيديولوجية إلى قصر الحكومة، فتكون النتيجة تجاذبات لا تبدو البلاد مهيأة لقبولها مطلقا؟ على أي حال، فإن التفكير في هكذا سيناريوهات للحكم في تونس، معناه أن اللاعبين السياسيين تفطنوا إلى ضرورة الخروج من مأزق الصراع إلى منطق الوفاق المثمر. الوفاق الذي يدخل الجميع تحت ذات الخيمة بالشروط والمعايير نفسها، وبهاجس واحد هو، الخروج بالبلاد من عنق الزجاجة الذي تردت فيه. فهل تصدق هذه النبوءة؟!