19 سبتمبر 2025

تسجيل

معتقلو "الجزيرة".. أين اتحاد الصحفيين العرب؟

01 مارس 2014

مئات الصحفيين في العديد من الدول العربية وفي أوروبا وآسيا أبدوا تضامنهم مع صحفيي شبكة الجزيرة المعتقلين بمصر، في محاولة للفت أنظار العالم إلى ما يتعرض له الصحفيون هناك منذ انقلاب المشير عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو الماضي. لكن اتحاد الصحفيين العرب في سبات عميق وتغافل متعمد لما يجري من انتهاك للحريات الصحفية ولم يفتح الله عليه بكلمة في حق الصحفيين الأربعة؛ وهم محمد فهمي وباهر محمد وبيتر جريستي، الذين اعتقلتهم سلطات السيسي وهم يؤدون واجبهم الإعلامي. الحقيقة الشاخصة أن الواقع الذي تعيشه الصحافة العربية واقع مأزوم بكل أنواع البطش والتنكيل والحجر وهذا ديدن الحكومات؛ لكن ما بال المؤسسات المهنية والنقابية مثل الاتحاد العام للصحفيين العرب، تسير في ركب تلك الحكومات الباطشة؟.في نوفمبر الماضي حضرت الاجتماع الدوري للأمانة العامة للاتحاد العام للصحفيين العرب بدولة الكويت، وكنت حاضراً ضمن وفد الاتحاد العام للصحفيين السودانيين، على مدى ثلاثة أيام انتهى الصحفيون العرب إلى بيان مكرور ومنـزوع الدسم؛ فبعد أن استغرقت السياسية أكثر من (90%) من الوقت والجهد والصياح والعراك، أحبط كل ذلك باسقاط السياسة كل السياسة من البيان إلا ما كان شيئاً في نفس يعقوب، وذلك بعد اقتراح تقدم به وفد الدولة المضيفة (الكويت) ولا أدري كيف حصل على موافقة الأغلبية وانتهى كل شيء بجرة قلم أو باقتراح تسرب كما يتسرب الماء من بين الأصابع المرتجفة، نعم حذفوا السياسة وليس كل السياسة إذ أُبقي بعض النذر بشكل متعمد مستهدفاً بعض الأنظمة دون غيرها؛ إذ كيف يطالب البيان الحكومة التونسية بإطلاق الحريات وعدم تكميم الأفواه – حسب تعبير البيان – وفي الوقت نفسه يتجاهل قضية الحريات الصحفية والإعلامية في مصر عامة ويغفل ما يتعرض له صحفيي الجزيرة في مصر؟!.. لقد سقط اتحاد الصحفيين العرب في امتحان الصدقية والمهنية والنزاهة وهي أدوات ضرورية لممارسة هذه المهنة التي ابتذلت أيّما ابتذال، وأصبحت في كثير من البلدان العربية بوقاً للسطان الجائر تجمل القبيح وتقبح الجميل.ولعل ما يؤكد عدم فعالية الاتحاد الظروف القانونية التي يعمل في ظلها الاتحاد، وهي ظروف تجعله مرتبطا كليا بالسلطة الحاكمة في مصر، ولا يمكن أن يصدح بحق في وجهها البتة، رغم أنه اتحاد يمثل الصحفيين العرب في (21) قطرا عربيا وليس مصر وحدها هذا وإن جاز أن تكون نقابة الصحفيين المصرية تابعة للسلطة مباشرة. إن أكثر ما استحوذ على النقاشات وضعية الاتحاد القانونية في مصر حيث مقره الدائم؛ فقد أعلن المستشار القانوني للاتحاد وهو في الوقت نفسه عضو مؤثر في مجلس الدولة بمصر، أن الاتحاد مازال في وضعية منظمة أهلية بتصريح عمل تمنحه وزارة الضمان الاجتماعي، وهذه الوضعية تجيز للسلطات المصرية إلغاء ترخيصها في أي وقت فضلا عن المراجعة الدورية لحساباتها.. حينها صاح أحد المجتمعين قائلا: (يا للهول، يعني الاتحاد مثله مثل جمعية الطيور؟!).. كان وقع توصيف ذلك الرجل كوقع الانفجار الهائل وحينها اختلط حابل التعليقات الساخرة بنابل تمتمات وهمهمات الدهشة والمفاجئة.استهداف قناة الجزيرة يأتي لتأثيرها القوي على الرأي العام وقد أصبحت الوسيلة التي تقوم بدور مركزي في الحياة السّياسية الديمقراطية في الوطن العربي. يشار إلى أن الجزيرة جاءت قبل عدة سنوات كخامس أقوى علامة تجارية في العالم في استطلاع لآراء مسؤولي شركات وخبراء في مجال العلامات التجارية بالولايات المتحدة الأمريكية. ولقناة الجزيرة تأثير فاعل في عكس صورة ذهنية إيجابية عن قطر لدى العالم جعلتها تأخذ مكانا بارزا في خريطة السياسة الدّولية؛ ويقول الباحث الأمريكي جون آلترمان الخبير بالمعهد الأمريكي للسلام بواشنطن: أن قناة الجزيرة تجعل من قطر قوة إقليمية. بل أكثر من ذلك، حيث إن قطر أصبحت تسهم في تشكيل الرأي العام العربي على أقل تقدير، يذكُر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن لقناة الجزيرة تأثيرا بالغا في صياغة الرأي العام العربي والتأثير عليه ويشير المعهد أن القناة ألقت بظلالها على كل وسائل الإعلام العربية. بيد أن لقناة الجزيرة أهمية استراتيجية سياسية وإعلامية تتعدى نطاق دولة قطر لتشمل العالم العربي والإسلامي الذي شهد لأول مرة نمطا جديدا من الإعلام الحُر؛ فالناظر إلى هذا الكم الكبير من الفضائيات العربية والتي يتجاوز عددها الخمسمائة قناة يصاب بالدهشة للتأثير الضعيف الذي تمارسه هذه القنوات في الرأي العام العالمي وصوتها المبحوح في إيصال قضايا العرب والمسلمين المصيرية، وبالذات قضية فلسطين وباقي الأراضي المحتلة، وصورة المسلم الصحيحة والتي تشوهها الفضائيات العالمية بصورة مستمرة، سواء كان ذلك في الأخبار اليومية أو الأفلام الدرامية أو الوثائقية أو البرامج المنوعة، حتى الأغاني لم يسلم منها العربي أو المسلم والتي غالبا ما تظهره بصورة ساخرة.