13 أكتوبر 2025

تسجيل

التحولات الاقتصادية ومراكز الأبحاث

01 مارس 2014

لن نخطو خطوة إلا من خلال البحوث، حيث تقدم تصورات لما هو الوضع عليه، مجتمعيا واقتصاديا، لا بد أن تقود الأبحاث أي جهد تنموي، فبدون معرفة الأسباب والمسببات، لا تمكن معرفة الحلول، خلق تصورات تعتمد على واقع الحال وإمكانيات الحلول هي الطريق لمعالجة أخطاء الماضي واستشفاف حلول المستقبل، من دون تقصي الحقيقة وسبر أغوارها لا يمكن وضع تصورات للمستقبل تحسن الأداء في مؤسساتنا والاقتصاد عامة، بل في المجتمع وهو الحاضنة لكل النشاطات، اقتصادية أو ثقافية أو مجتمعية، إنشاء مراكز أبحاث ومشاركة الجهات المسؤولة وخاصة الجامعات في القيام بتلك الأبحاث ضرورة قصوى للتنمية، فمن الشأن المجتمعي إلى الشأن الاقتصادي، لن تكون هناك إستراتيجيات وبرامج تنفيذية ناجعة إذا لم تكن نتائج البحوث هي المحرك والأساس، لمشاريع التنمية، تقصي الحقيقة ومعرفة الأسباب تمكن صاحب القرار من وضع رؤى لكيفية الحركة لملء الفراغ والخروج بمفاهيم تدعم نشاطات الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، نحتاج للدراسات عن الاقتصاد وعن المجتمع كي يتمكن رجل الأعمال من توجيه استثماراته في الوجهة ذات المردود الأكبر له وللمجتمع، من الهياكل إلى البنى في المجتمع عامة، لا يجب أن تقام دون وجود دراسات تؤسس لعملها وتوجهاتها، في العالم تجد المعلومات متوفرة عن كل ما يدور حولك في المجتمع وفي العالم، ولذلك فإن القرارات تعتمد على رؤى وحسابات تعتمد على منطق واضح وعمل عقلاني، بعيدا عن العشوائية والعمل المعتمد على الحظ أو الصدفة، بل هو عمل مؤسسي يعتمد على المعلومات التي تجمعها الدراسات المختصة، لذلك فإن إنشاء مراكز الأبحاث هو البنية التحتية، لكل ما يمكن بناؤه في المجتمع، عمل تقوده المعلومات والحقائق والدراسات، بعيد عن الاجتهادات الشخصية والعمل العشوائي، اما الاعتماد على الدراسات ونتائجها أو تبني العشوائية في القرار، كل جهة لا بد أن تقدم معلومات واضحة وصريحة لما تقوم به، من أجل خلق قاعدة بيانات تؤصل للعمل القائم على المعلومات والدراسات، حتى الآن لا توجد المعلومات الكافية عن أبسط المؤشرات الاقتصادية أو التحولات المجتمعية، في بقية العالم تجد أن كل جيل من الأجيال له دراسات تحدد مفاهيمه وطبيعته، فكل جيل له تسمية واضحة له، تجعل من فهمه أمرا ممكنا، ويمكن معرفة خصائصه وما هي أهواؤه وميوله وأحلامه، على هذا الأساس تقوم الشركات بتفصيل إستراتيجياتها من التسويق إلى الخدمات إلى المنتجات، كلها، وفصلت حسب أهواء الجيل أو الشريحة المستهدفة، ولكن رجال الأعمال والقطاع الخاص والعام يقومون بمبادرات على الحس والشعور والتوقع والإلهام، وكلها تقوم على الانطباعات والأفكار المسبقة، ولا تأخذ المتغيرات البيئية والعالمية والتقنية في الحسبان، والنتيجة هي خدمات ومنتجات وأفكار عادة ما تكون بعيدة عن ذوق السوق ولا تأخذ بما يطلبه المستهلك، ولكن ولغياب المعلومات لا يستطيع المستثمر أفضل من هذا وحتى تتوفر المعلومة من مؤشرات إلى دراسات سيظل القرار أقرب للتخمين منه للعمل المؤسسي، تفاجأ إلى أي درجة من التفصيل تصل لها الدراسات في المجتمعات الأخرى، كل ما يدور في خلدك وأكثر بكثير، كل ما تحتاج له من إجابات عن أي سؤال يخطر ببالك تجده يجاب إلى أدق التفاصيل، نعرف عن اقتصادات ومجتمعات ومشاكل ونقاط القوة والضعف في العالم ولكننا نجهل الكثير الكثير عن مجتمعاتنا وفي لحظات تجد أن الأحداث الأخيرة والتطورات قد تم تحليلها وتمحيصها وتقليبها على كل وجهة في مواقع كثيرة ومن وجهات نظر كثيرة، ولكن ابحث عن تحاليل موضوعية أو آنية لما يدور حولنا فلا تجد، كيف يمكن للإنسان أن يضع تصورات عن ما يمكن أن يحدث مستقبلا إذا لم يكن يملك معلومات عما يدور حوله، كيف يمكن لهذا الإنسان في حال غياب الشفافية والموضوعية أن يصل لقرارات صحيحة، أو على الأقل دون معلومة ودون دراسات، لم تقم جامعة قطر في الماضي بأي دراسات عن التحولات المجتمعية ولا مدى أثرها في العائلة أو العلاقة الزوجية ولا أثر ذلك على التنمية، من حيث التفكك الأسري وماذا يعني وأسبابه ومسبباته، ولكن هذا يؤثر على النظام التعليمي والذي بدوره يؤثر على مذاقات وميول الأسرة وكيفية مساعدتها وتقديم الخدمات لها، من التعليم إلى العمل إلى تقديم القطاع الخاص الخدمات والمنتجات، ولكن ما قد سبق ذلك هو الأهم، مازالت الجامعات تنتج وتورد للمجتمع والاقتصاد خريجين لا تتواءم مهاراتهم ولا معرفتهم العلمية مع سوق العمل، فكيف نطلب من الجامعات أن تواكب التحولات والتطورات في المجتمع والاقتصاد وأهداف التنمية، وهي عاجزة عن فهم دورها في تقديم وتحديث منظومة التعليم بداخلها لخدمة مجتمعاتها، مؤسساتنا التعليمية وعلى رأسها الجامعات لا بد أن تقوم بالنقد الذاتي من أجل تصحيح المسارات وتطويرها وتحديثها، التغير هو طبيعة الحياة وتلك الأيام نداولها بين الناس، لا تظل الحياة على نمط أو حال مستمر، ولذلك فدراسة الأحوال والتغيرات ضرورة للجميع، الصغير والكبير والمجتمع والعائلة، القطاع الخاص والعام، المستثمر والمبادر والدارس، الكل يحتاج للمعلومة، والدراسات هي أساس القرارات المدروسة، من أجل قرارات مدروسة لا بد من دراسات توفر المعلومات.