19 سبتمبر 2025

تسجيل

اغتيال حضارتنا من داخلها "1"

01 مارس 2014

محمد علي باشا وضربه للإسلام في مصر بعد نجاح محمد علي في توطيد نفسه في الحكم، وأحاط نفسه بحاشية ومساعدين من نصارى الأروام والأرمن وكتبة من اليهود والأقباط، واستجلب لنفسه مماليك جعلهم حكاماً للأقاليم، وكان في كل ذلك مستنفراً لجموع المسلمين المصريين ومعبراً عن عدم الاهتمام أو الاكتراث بهم، خاصة أن هؤلاء المساعدين قد أعانوه على سياساته الاستبدادية بين الفلاحين.وصف الجبرتي ذلك بقوله: "فتح بابه للنصارى من الأروام والأرمن فترأسوا بذلك وعلت أسافلهم كما أنه كان يحب السيطرة والتسلط ولا يأنس لمن يعارضه".وسلك محمد علي واتباعه غير المسلمين سياسة من أبرز علاماتها الظلم والقهر والاستعباد ضد الشعب المصري، فجمع حجج الأرض من الفلاحين، وفرض السخرة، وزاد في أسعار المعايش اضعافا مضاعفة، وفرض الضرائب التي لا يطيقونها، وجعل كل نشاط اقتصادي يؤول إليه، ونقم على الناس، وارجع الجبرتي ذلك إلى ما اتسم به محمد علي من "داء الحسد والشره والطمع والتطلع لما في أيدي الناس وأرزاقهم".وقد نتج عن هذه السياسة كره الفلاحين الشديد لمحمد علي وأعوانه وهروبهم من الأراضي الزراعية وترك قراهم فراراً من السياسة الظالمة.لقد كان الجبرتي معاصراً لسياسة الظلم التي مارسها محمد علي على الشعب المسلم في مصر الذي امتص حقوقه وخيراته وفتح للتجار الأوروبيين الباب على مصراعيه لدخول مصر والهيمنة على اقتصادها، وأصبحت مصر هي المزرعة التي تعتمد عليها أسواق أوروبا من المنتجات الزراعية وارتبطت مصر بأوروبا حضاريا وتجاريا.وأصبح اعتماد طبقة التجار الناشئة في مصر على الأسواق الأوروبية من الناحية الاقتصادية، وبالتالي السياسية، هذا إلى جانب تمكين دعاة الثقافة الأوروبية من السيطرة على الحياة الفكرية بعد أن شل دعاة الاتجاه الإسلامي، وأوقف مناهج التعليم القائمة على الدين تنفيذاً لسياسة نابليون الماسونية، وهو أمر أكده المؤرخ تويني في قوله "كان محمد علي دكتاتوراً أمكنه تحويل الآراء النابليونية إلى حقائق فعالة في مصر".