19 سبتمبر 2025
تسجيلأفضل وأشرف إنسان عرف خُلق وقيمة الوفاء رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً وسلوكاً وممارسة وتطبيقاً في حياته الشريفة صلى الله عليه وسلم، فهو أوفى الأوفياء، قال عباس محمود العقاد رحمه الله: "رُبَّ رجلٌ وسيمٌ غير محبوب، ورُبَّ رجل وسيم محبوب غير مهيب، ورُبََّ رجل وسيم يحبه الناس ويهابونه وهو لا يحب الناس ولا يعطف عليهم ولا يبادلهم الوفاء، أما محمد عليه الصلاة والسلام فقد استوفى شمائل الوسامة والمحبة والعطف على الناس. فكان على ما يختاره واصفوه ومحبوه، وكان نعم المسمى بالمختار". فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لم يتزوَّج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجةَ حتى ماتَت"، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكَر خديجة أثنى عليها، فأحسنَ الثناء، قالت: فغِرتُ يوماً، فقلتُ: ما أكثرَ ما تذكرُها، حمراءَ الشِّدق، قد أبدلَك الله عز وجلَّ بها خيرًا منها! قال: "ما أبدلَني الله عز وجلَّ خيرًا منها؛ قد آمنَت بي إذْ كفَر بي الناس، وصدَّقتني إذ كذَّبني الناس، وواسَتني بمالها إذ حرَمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرَمني أولادَ النساء" فتأمل كلماته — صلى الله عليه وسلم — فما عساك أن تجد فيها؟وكذلك صحابته الكرام رضي الله عنهم الذين تربوا في مدرسة النبوة رجالاً ونساءً، والتابعين ومن سار على هديهم، هؤلاء كلهم جميعاً ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء ما عرفوا الخيانة ولا الغدر ولا الجحود ولا المكر لا في السلم ولا في الحرب ولا إذلال الغير، ولا نكران الجميل لأحد من الناس، أعطوا البشرية دروساً ونماذج عملية حية في الوفاء تعجز عنه المنظمات الإنسانية الأممية في عصرنا هذا عن الإتيان بمثله ولو كتبت وألّفت مواثيق في حقوق الإنسان، فهم أبعد كل البعد عن الوفاء للإنسان والالتزام بحقوقه والدفاع عن حريته وكرامته وعيشه الكريم.إنهم أوفياء لربهم، أوفياء لدينهم، أوفياء لعقيدتهم، أوفياء لدعوتهم، أوفياء مع من علّمهم الخير وهداهم إليه، أوفياء لمن ناصرهم وأحبهم وآواهم، أوفياء لأمتهم، أوفياء لأهل الحزم والعزم، أوفياء لأوطانهم بل لأي أرض يقيمون عليها، لا كما يصنع من يعيش على أرض ما يأكل من خيرها ويتعلّم ويعمل فيها هو وأسرته وأبناؤه ويكوّن نفسه للحاضر والمستقبل، فإذا رحل عنها فإذا هو ينقلب على هذه الأرض التي احتوته وضمّته طوال هذه السنين من عمره ويتطاول عليها ويطعنها طعنة اللئيم، ويتكلم عنها في كل منقصة وسوء وأذى، أو من يضع يده في يد دولة موصوفة بالخيانة والتخريب والتدخل في شؤون الدول الأخرى بالتآمر والكيد وهو ينتمي لبلده. أو من شخص وقعت له مصيبة كبيرة وجراح بالغة فإذا بدولة تتكفل بعلاجه ورعايته في مستشفياتها، وبعد أن شفاه الله فإذا به يتنكر ويغدر ويطعن ويعادي بكل وقاحة وصلف الدولة التي وقفت معه، إنها الخيانة في أقبح صورها وبأنتن روائحها، أهذا هو الوفاء الذي نرتجيه من هؤلاء! فلنتعلم الوفاء من أهل الوفاء."ومضة"تأمل قول أبي تمام: — إذا جاريتَ في خُلقٍ دنيئاً.. فأنتَ ومن تجاريه سواءُرأيت الحُرّ يجتنبُ المَخازي.. ويَحميه عن الغدر الوفاءُ