12 سبتمبر 2025

تسجيل

"دافوس" رسالة من بين الجليد

01 فبراير 2015

لا يبدو أنها نزهة شتوية تقضيها النخب العالمية من رواد منتدى دافوس السنوي الذي أسسه عالم الاقتصاد كلاوس شواب عام 1971م ضمن منظمة غير حكومية لا تهدف للربح مقرها جنيف بسويسرا فالمنتدى وأطروحاته الجادة يثير سخونته أغنياء العالم وصناع القرار في الكثير من القضايا العالمية السياسية منها والاقتصادية، ويتذكر العالم تلك المداخلة الساخنة بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عام 2009م حين انسحب من منصة الجلسة احتجاجاً على منعه من التعليق على المداخلة المطولة للرئيس الصهيوني شمعون بيريز، حيث لم يكن مدير تلك الجلسة المثيرة ديفيد إيغناتيوس كاتب العمود الصحفي الشهير في الواشنطن بوست عادلاً في توزيع الوقت بين المتحدثين وهو ما أثار حفيظة رئيس المنتدى كلاوس شب للتعبير عن هذا الحدث باعتباره خارجاً عن روح المنتدى ومشيراً إلى عدم مشاركة بيريز مرة أخرى في فعالياته، سوى أن أردوغان نال من ذلك الموقف تأييداً واسعاً زاد من شعبيته العالمية، منتدى دافوس في تلك الأجواء الباردة والتغطيات الإعلامية الكثيفة التي انتهت الأسبوع الماضي يفرض أطروحاته ومناقشاته لتشكل مؤشراً لتوجهات العالم الاقتصادية وربما تحسب الأقوال على المتحدثين من سياسيين وأصحاب القرار في الشركات العالمية العملاقة والمتعددة الجنسيات والتي يستهدفها المنتدى لصناعة التنافسية بين أكثر من 1000 شخصية عالمية من ممثلي الشركات الكبرى والقادة السياسيين ممن يتحملون برد هذه المدينة التاريخية التي يقال إنها "عاصمة مايكروسوفت" ويدفعون المبالغ الضخمة بهدف المشاركة في المنتدى وحضور النقاش في المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم وكيفية حلولها، يعقد المنتدى اجتماعاته السنوية، حيث يتم وضع مسودات لخطط ومشاريع اقتصادية مشتركة، هذا إلى جانب دوره التعبوي لسياسات البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والتي تستهدف بالأساس خصخصة الخدمات الأساسية وتحرير السوق وخلق مناخ يسمح بالاستثمار بما يتطلبه ذلك من إصلاحات سياسية، ولعل أبرز ما تم رصده من أطروحات المنتدى هو تقرير "بيل جيتس" المعروف كأغنى رجل في العالم ومؤسس مايكروسوفت حيث قال إن حياة المواطنين في الدول الفقيرة سوف تتحسن بوتيرة أسرع من ذي قبل بسبب الابتكار الذي سيوفر للبشرية فرص حياة أفضل بجملة المعطيات الحيوية في مجال التكنولوجيا والطب وحتى الثقافة، مشيراً إلى أن العام 2030م سيحظى بتحول كبير في عدد من الدول الفقيرة بسبب الهواتف الذكية والخدمات النوعية للمؤسسات كافة، إذاً بوصلة العالم تشير إلى الابتكار كسبيل منهجي نحو التطور وبناء الثروة وتحسين حالة المجتمعات وتنمية مواردها ومصالحها وتجنب المواجهات والحروب بنشر ثقافة التسامح والتواصل العالمي، هذه كانت رسالة دافوس والتي قد تبدو متكررة في مضمونها عاماً بعد عام ولكنها رسالة تأكيد وبناء ثقة بين دول العالم ومؤسساته الكبرى، فنتمنى أن يتاح للنخب العربية المثقفة حضور مثل هذا المنتدى وسلسة اجتماعاته الإقليمية من أجل التسريع لعملية "الانفتاح والاندماج الاقتصادي" والتعبئة لسياسات السلم والتعاون الدولي، فكما استطاع المنتدى دون سواه من الملتقيات العالمية أن يوجه رسالة تأنيب مباشرة "لبيريز" فنتمنى أن يكون للعرب نصيب من الابتكار والحديث عن الحقوق والتنمية في ظل عالم يتجه نحو السلمية والإنتاج.