02 نوفمبر 2025

تسجيل

تركيا من فرنسا إلى إيران.. الاقتصاد أولا!

01 فبراير 2014

أقفل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الباب أمام تركيا لتكون عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي. فرنسا كانت على الدوام رأس الحربة مع ألمانيا في كبح المسار التفاوضي لأنقرة مع الأوروبيين. وقد أثقلت فرنسا بكل رؤسائها السابقين واختلاف انتماءاتهم السياسية الملف التركي – الأوروبي بالعديد من القضايا الشائكة. فهي كانت ولاسيَّما في عهد الاشتراكي، كما هولاند، فرنسوا ميتران، المدافع الأكبر عن منح الأكراد في تركيا حقوقا كاملة وربما حكما ذاتيا. وقد اشتهرت زوجة ميتران،دانيال، بلقب" أم الأكراد. وكانت فرنسا السباقة في الدول الغربية المؤثرة بتبني قانون يعترف بالإبادة التي ارتكبها العثمانيون في العام 1915 ضد الأرمن. ولم يتغير الأمر في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي حيث عملت القوى السياسية مجتمعة على إصدار قانون يمنع التشكيك بالإبادة ويعاقب عليها ولم يتوقف القانون إلا بعد رفض المحكمة العليا له. وأثناء الحملة على النظام الليبي السابق بزعامة معمر القذافي كان التنافس التركي – الفرنسي على النفوذ في منطقة المتوسط والنفط في ليبيا في ذروته. ذلك أن تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان كانت تتطلع إلى توسيع نفوذها في إطار إقامة تركيا العظمى. ولم تكن عندها مشكلة مع طبيعة النظام القائم في ليبيا. فعلاقات أردوغان مع القذافي كانت ممتازة. لذلك عندما بادرت فرنسا ساركوزي إلى التدخل العسكري منفردة في ليبيا وأرسلت طائرات تقصف وأسلحة لمساعدة المعارضة على القذافي كانت تركيا تعترض على ذلك وبعد أن كان أردوغان يعارض تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا استدار بموقفه ليوافق لاحقا لكي يخرج فرنسا من أن تختصر بنفسها ريادة إسقاط القذافي.كان التأزم في العلاقات التركية- الفرنسية ينعكس على العلاقات السياسية فتتباطأ الزيارات المتبادلة، وعلى الصورة المتبادلة لكل بلد لدى الآخر فتنشط الحملات الإعلامية. لكن التأزم لم يكن ينعكس سوى بنسبة قليلة ومحدودة على العلاقات الاقتصادية. إذ إن الاستثمارات الفرنسية في تركيا كبيرة ولاسيَّما على صعيد صناعة السيارات. وليس من مصلحة تركيا وقف التبادلات التجارية في مرحلة تباطؤ النمو الاقتصادي والضغوط الداخلية التي يواجهها أردوغان.أولوية تركيا الاقتصادية في علاقاتها مع الدول كانت واضحة في استعداد تركيا لتعزيز علاقاتها التجارية والاستثمارية مع إيران والزيارة التي قام بها أردوغان إلى طهران رغم الخلافات الكبيرة حول قضايا مثل سوريا والعراق.لم تقدم زيارة هولاند إلى اسطنبول أي جديد على صعيد تسهيل الطريق أمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. قال هولاند إن فرنسا محكومة في نهاية المفاوضات لطرح عضوية تركيا في الاتحاد على استفتاء شعبي. ورأى أنه لو انتهت المفاوضات على كل الفصول والعناوين فإنها لا تعني أن نتيجتها التلقائية دخول تركيا إلى الاتحاد. فهناك الحاجز الأخير وهو موقف الرأي العام الذي سيترجم في استفتاء شعبي. وهو ما سيعني غالبا ووفقا للذهنيات الأوروبية السائدة أن المجتمعات الأوروبية لن تقبل تركيا في عضويتها. ورغم أن الظروف تتغير في مسيرة التاريخ، غير أن النظرة الأوروبية الشعبية لتركيا، لم تكن تتأثر كثيرا بتغير الأحزاب الحاكمة في بلدانهم وما كانت تفرضه المصالح الاقتصادية من تعاون وتقارب. موقف الأوروبيين الثابت أنهم مع أفضل العلاقات مع تركيا لكن على أن تبقى تركيا في مكانها وراء الحدود في الأناضول ولا تتجاوز خطوة واحدة الحدود القائمة. وهذا يضمر بالطبع العوامل الحضارية وليس فقط الدينية التي تتحكم في السلوك الأوروبي تجاه بلد مسلم. فكيف إذا كان الأمر يتعلق ببلد مثل تركيا تعمدت العلاقات بينه وبين الأوروبيين حروبا ضروسا ودماء لا تزال طرية. ولم يكن الرئيس التركي عبدالله غول مخطئا، عندما قال إن الشعب التركي قد يصوت بدوره بـ "لا " للاتحاد الأوروبي ردا على الرفض الأوروبي. وهو ما يعيد السؤال إلى مربعه الأساسي عن هدف العضوية الكاملة، وما إذا كان ممكنا تحقيق أهدافها من دون تحقق العضوية لتكون الكرة حينها بالكامل في الملعب التركي.