22 سبتمبر 2025

تسجيل

مائة مليون دولار احتياج يومي للحكومة المصرية لسد عجز الموازنة

01 فبراير 2012

تعاني الموازنة الحكومية المصرية من عجز مزمن، مما يدفعها إلى الاقتراض من الداخل والخارج لسداد ذلك العجز، ومع أحداث الثورة المصرية وطول فترة الاضطراب الأمني زاد الإنفاق الحكومي لمواجهة المطالب الفئوية بزيادة الأجور، وعلى الجانب الآخر قلت الإيرادات نتيجة تراجع حصيلة الضرائب من بعض القطاعات المتضررة مثل السياحة والتشييد. الأمر الذي دفع الحكومة إلى المزيد من الاقتراض لمواجهة المتطلبات العاجلة، سواء لاستيراد السلع الأساسية مثل القمح والزيوت والسكر والتي تقل بها نسب الاكتفاء الذاتي، أو لاستيراد بعض المشتقات البترولية وأبرزها البوتاجاز والسولار، والتي تسبب عوامل مالية في قلة توافرها بالأسواق في بعض الأوقات. الأمر الذي دعا لاستخدام جانب من احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، ونظرا لتراجع إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، فقد تآكلت أرصدة الاحتياطيات الدولية من 36 مليار دولار بنهاية عام 2010 إلى 18 مليار دولار بنهاية العام الماضي. وكانت الحكومة قد فضلت الاقتراض من الداخل لسد عجز الموازنة، ونجحت بالفعل في تدبير احتياجاتها من قبل السيولة المتراكمة بالبنوك المحلية، إلا أنه نتيجة للاضطرابات الأمنية وتخفيض التصنيف الائتماني لمصر أكثر من مرة خلال العام الماضي، فقد اتجهت البنوك لطلب أسعار فائدة أعلى الأذون الحكومية حتى أصبحت تدور حول 15 %. الأمر الذي دفع الحكومة للاتجاه للاقتراض من الخارج للحصول على تمويل أرخص، فبدأت في إجراء مباحثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على 2ر3 مليار دولار، بعد أن كانت قد رفضت الاقتراض منه في يونيو الماضي. وأجرت مشاورات مع سفراء دول غربية سعيا نحو دفع دول الثمانية لتنفيذ تعهداتها، بتقديم قروض ومنح لدول الربيع العربي خلال اجتماعها الأخير في فرنسا، كما سعت إلى بنك الاستثمار الأوروبي لنفس الغرض، إلى جانب السعي لدى دول الخليج العربي. إلا أن الاستجابة لم تحدث حتى الآن سوى من السعودية وقطر بواقع نصف مليار دولار لكل منهما، وكذلك الاقتراض لنصف مليار دولار من البنك الدولي ومثلها من بنك التنمية الإفريقي وأقل من ذلك من صندوق النقد العربي. إلا أن ما تحقق من قروض حتى الآن والذي يدور حول 5ر2 مليار دولار مازال يقل كثيرا عن الاحتياجات المصرية لتمويل عجز الموازنة، والذي تدور تقديراته ما بين ثلاثين مليار دولار إلى 36 مليار دولار، بينما تدور المباحثات مع صندوق النقد الدولي حول اقتراض 2ر3 مليار دولار. وهكذا يجد صانع القرار المالي المصري نفسه محاصرا بين اقتراض خارجي تدور فائدته ما بين 8ر0 % إلى 5ر1 %، لكنه مقترن ببعض الشروط مثل خفض الإنفاق خاصة على دعم السلع وخفض عجز الموازنة، والسير في طريق الخصخصة والالتزام بنهج الاقتصاد الحر. وما بين الاقتراض من الداخل مرتفع الفائدة والتي تصل إلى 15 % قابلة للزيادة، خاصة أن طاقة البنوك للاستمرار في شراء الأوراق المالية الحكومية تضيق، كما تسبب شراء الأذون والسندات الحكومية في تفضيل البنوك لإقراض الحكومة على حساب امتناعها عن إقراض الشركات، ما أدى إلى ظهور طاقات عاطلة نتيجة صعوبة الاقتراض المصرفي. وبنهاية سبتمبر الماضي وصل الدين العام المصري ما يعادل 218 مليار دولار، موزعة ما بين 184 مليار دولار تمثل الدين العام المحلي و34 مليار دولار تمثل الدين الخارجي، لتصل نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 7ر82 %، موزعة ما بين 70 % لنسبة الدين المحلي للناتج و13 % لنسبة الدين الخارجي للناتج. وتكمن المشكلة في أن تكلفة الدين العام تمثل حوالي ثلث الإنفاق بالموازنة، حيث تتكلف فوائد ذلك الدين العام بموازنة العام المالي الحالي 106 مليارات جنيه، وأقساط الدين 99 مليار جنيه، بإجمالي 205 مليارات جنيه مما جعل تكلفة الدين تمثل المكون الأكبر من إنفاق الموازنة. ولأن الموازنة تعاني عجزا مزمنا فإن الحكومة تحتاج إلى حوالي مائة مليون دولار يومي لسد العجز بالموازنة، مما دعا للسعي لإصدار صكوك يكتب بها المصريون بالخارج، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين. ولإصدار أذون خزانة دولار لتدبير عملات أجنبية تعوض نقص الاحتياطيات، والسعي للحصول على منح من بعض الدول الغربية والعربية، خاصة أن ما حصلت عليه مصر من معونات دولية بلغ مجموعه خلال العام المالي الأخير 753 مليون دولار فقط. والاتجاه لخفض النفقات الحكومية وإعادة هيكلة الدين بالاتجاه إلى الفترات المتوسطة والطويلة الأجل، بعد أن كانت تركز على الاقتراض قصير الأجل من خلال أذون الخزانة. إلى جانب استمرار السعي لخفض أعباء الدين الخارجي من خلال التفاوض مع الدول المقرضة لشطب جانب من ديونها أو تحويله إلى استثمارات. ولا يخلو الأمر من اطمئنان جزئي ومن ذلك أن الديون الخارجية المصرية نسبة 9 % منها قصيرة الأجل والباقي ديون متوسطة وطويلة الأجل، ونسبة تلك الديون القصيرة إلى الاحتياطيات من العملات الأجنبية تصل إلى 12 %، كما أن خدمة الدين الخارجي إلى قيمة صادرات السلع والخدمات 6 % فقط، ونسبة خدمة الدين إلى الحصيلة الجارية من الصادرات السلعية والخدمية والتحويلات تصل 5 % فقط.